للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذين يقررون صلاح الذبيحة أو عدم موافقتها لأحكام الشرع. أما عند الجاهليين فلا نعرف شيئًا عمن كان يقوم بذبح الضحايا التي تقدم إلى الأصنام، كما أننا لا نستطيع أن نتحدث عن الشروط التي كانوا يشترطونها في الذبيحة ليكون لحمها صالحًا للأكل.

والطيب والبخور من أهم المواد التي كان يتقرب الجاهليون إلى آلهتهم بإهدائها إلى المعابد. ولم تكن هذه عادة خاصة بالجاهليين وحدهم، بل هي عادة معروفة في جميع الأديان، ولا تزال باقية مستعملة. يحرق البخور في المباخر والمجامر؛ لتنبعث روائحه الزكية في أبهاء المعبد. أما الخلوق وأنواع الطيب، فتلطخ بها الأصنام وجدران المعبد، وطالما تقدم المؤمنون إلى آلهتهم بمبخره ليحرق البخور فيها. ومن بين نصوص المسند، نص كتبه مؤمن اسمه "عبد أصدق" وأبناؤه إلى الإله "ود" ذكروا فيه أنهم قدموا إليه مبخرة تعويضًا عن المبخرة التي سرقها اللصوص من معبده١. وقد عثر في اليمن على مباخر كبيرة نحتت من الصخر، أهديت على المعابد؛ ليحرق فيها البخور٢.

وبين ما قدم إلى الآلهة، الملابس والأقمشة وأنواع الأطعمة، حتى اللبن قدم إلى الصنم "ود" على رواية الأخباريين.

ووردت لفظة "الهدْي" في القرآن الكريم٣. ويراد بها ما أهدي إلى مكة من النعم وغيره من مال أو متاع. والعرب تسمى الإبل هَدْيًا؛ لأنها تُهدى إلى البيت لتنحر، فأطلقت على جميع الإبل، وإن لم تكن هديًا تسمية للشيء ببعضه٤. وذكر أن الهدي ما أهدي إلى بيت الله من ناقة أو بقرة أو شاة أو ثياب وكل ما يُهدى فهو عام في جميع ما يتقرب به من الذبائح والصدقات. إلا أن الإطلاق إنما ينصرف إلى أحد الأصناف الثلاثة من الإبل والبقر والغنم، وسوقها إلى الحرم وذبحها فيه٥. وقد ذكر "الهدي" في شعر لزهير بن أبي سلمى:

فلم أر معشرًا أسروا هديًا ... ولم أر جار بيت يستباء


١ Glaser ٣٢٤, Handbuch, I, S. ٢١٦.
٢ Ency. Religi, I, P. ٣٥٢.
٣ البقرة، الآية ١٩٦، المائدة، الآية ٢، ٩٧، الفتح، الآية ٢٥، تفسير الطبري "٦/ ٣٧".
٤ اللسان "١٥/ ٣٥٨" وما بعدها".
٥ القرطبي، الجامع "٦/ ٣٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>