للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يذكر رجلًا أسر يشبهه في حرمته بالبدنة التي تهدى١.

وعرف الهدى المقلد بقلائد، تشعر أنه مما أهدي إلى بيت الله بـ"القلائد". فلا يجوز لأحد أن يتحرش به، أو أن يفك قلائده؛ لأن ذلك تجاوز على مال الله، وهو مال معلم عليه معروف بقلادته أنه من الهدي المخصص بالبيت. فإذا فكت قلادته سرق وحسب من أموال الناس الخاصة٢. والظاهر أن من الجاهليين من كان يتطاول على أموال البيت، فيستولي على الهدى، ويفك القلائد، ويسطو بذلك على الإبل المقلدة والبقر المقلد، وذلك كما يظهر من الآية {لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ} ٣. ومنهم من كان يسطو على الهدي قبل وصوله موضعه من البيت.

وكانوا يهدون الإبل والبقر إلى بيوت أصنامهم. وقيل للناقة أو البقرة أو البعير تُهدى إلى مكة "البدنة". وقد أشير إلى البدن في القرآن، فورد: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} ٤. تُهدى إلى بيت الله فلا تركب٥. وذكر أن البدن السمان من الإبل والبقر٦. ويظهر من غربلة ما ورد في روايات علماء التفسير عن البدن أنها الهدايا التي تقدم إلى الكعبة، تحبس فتبقى حية، لا يجوز لأحد التطال عليها، وكانوا ينحرونها أيضًا والإبل تنحر قيامًا معقولة فكانوا إذا أرادوا نحر البعير، عقلوا إحدى يديه، فيقوم على ثلاث قوائم٧، ولم يكونوا يركبون البدن إلا عن ضرورة٨. فالبدن إذن ما يُهدى إلى مكة؛ ليحبس على اسمها، أو ليذبح تقربًا إلى رب البيت.


١ تفسير الطبري "٢/ ١٢٨".
٢ تفسير الطبري "٦/ ٣٧".
٣ المائدة، الرقم ٥، الآية ٢.
٤ الحج، الآية ٣٦، تفسير الطبري "١٧/ ١١٧".
٥ اللسان "١٣/ ٤٨ وما بعدها"، "بدن".
٦ تفسير الطبري "١٧/ ١١٧" القرطبي الجامع "١٢/ ٦٠".
٧ القرطبي، الجامع "١٢/ ٦٠"، تفسير الطبري "١٧/ ١١٧" وما بعدها".
٨ اللسان "١٣/ ٤٨ وما بعدها"، "بدن".

<<  <  ج: ص:  >  >>