للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصحابك حلال، وما قتله الله حرام! "١. وذكر "أن فارس أوحت إلى أوليائها من مشركي قريش أن خاصموا محمدًا وقولوا له: إن ما ذبحت فهو حلال وما ذبح الله بشمشار من ذهب، فهو حرام. فوقع في أنفس ناس من المسلمين من ذلك شيء"٢. فقد كانت قريش تأكل كل شيء، من ميتة ومختنقة ومن نطيحة وما أكل السبع وما أهل للصنم، فنزل تحريم ذلك في الإسلام.

وذكر أنهم كانوا يقطعون يسيرًا من حلق الشاة ويتركونها حتى تموت، يجعلون عملهم هذا ذكاة لها، وقيل: ذبيحة الشريطة، هي أنهم كانوا يشرطونها من العلة، فإذا ماتت، قالوا: قد ذبحنانها. وذكر أن الشريطة الشاة أثر في حلقها أثر يسير كشرط المحاجم، لا يستقصى في ذبحها، والشريطة أيضًا المشقوقة الأذن من الإبل؛ لأنها شرطت أذانها، وإذا كان التعريف الأول صحيحًا، فإن معنى هذا أنهم كانوا يراعون بعض الأحكام في الذبح، أي أن لهم أحكامًا دينية في كيفية الذبح، وقد نهى الإسلام عن أكل الشريطة٣.

واستباح الجاهليون أكل "النطيحة"، وهي المنطوحة التي ماتت من النطح واستباحوا أيضًا أكل الفريسة والأكيلة والرمية٤.

وقد كان رجال الدين وسادات القبائل، يحرمون بعض الأشياء على أنفسهم، إذا شعروا بوجود ضرر بها، وبأن في فعلها إلحاق أذى في الإنسان وخدشًا في الاسم. فحرم بعض رجال الجاهلية الخمر على أنفسهم تكرمًا وصيانة لأنفسهم منهم عامر بن الظرب العدواني، وقيس بن عاصم، وصفوان بن أمية بن محرث الكناني، وعفيف بن معديكرب، وسويد بن عدي بن عمرو بن سلسلة الطائي وغيرهم. لما وجدوا فيها من ضرر على الأبدان، وأثر في العقل. وإضاعة للمال٥. وورد في بعض الموارد أن أول من حرم الخمر في الجاهلية "الوليد بن المغيرة وقيل: "قيس بن عاصم"، ثم جاء الإسلام بتقريره٦.


١ تفسير الطبري "٨/ ١٢ وما بعدها".
٢ تفسير الطبري "٨/ ١٣".
٣ تاج العروس "٥/ ١٦٧"، "شرط".
٤ تاج العروس "٢/ ٢٤٠"، "نطح".
٥ الأمالي، للقالي "١/ ٢٠٤ وما بعدها".
٦ صبح الأعشى "١/ ٤٣٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>