للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوق ذات عرق إلى البستان بتسعة أميال، بالنخلة الشامية بقرب مكة، وقيل بالطائف، بنى عليها بيتًا وسماه بُسًا، وقيل بساء، وأقاموا لها سدنة مضاهاة للكعبة، وكانوا يسمعون فيها الصوت، فبعث إليها رسول الله خالد بن الوليد، عام الفتح، فهدم البيت وقتل السادان وأحرق السمرة١.

ويظهر مما تقدم أن البيت هدم مرتين: مرة في الجاهلية، على يد زهير بن جناب، وقتل إذ ذاك بانيه ظالم، والمرة الثانية عام الفتح على يد خالد بن الوليد٢.

وأما سدنة العزى، فكانوا من بني صرمة بن مرة، أو من بني شيبان بن جابر بن مرة بن عبس بن رفاعة بن الحارث بن عتبة بن سليم بن منصور. فهم من بني شيبان، من بني سليم حلفاء بني هاشم٣.

وكان آخر سادن للعزى "دبية بن حرمي السلمى ثم الشيباني"، قتله خالد بن الوليد بعد هدمه الوثن والبيت وقطعة الشجرة أو الشجرات الثلاث٤. وفي رواية: أن هدم العزى كان لخمس ليال بقين من شهر رمضان سنة ثمان، وكان سادنها أفلح بن النضر السلمي من بني سليم. فلما حضرته الوفاة دخل عليه أبو لهب يعوده وهو حزين، فقال له: مالي أراك حزينًا؟ قال: أخاف أن تضيع العزى من بعدي. قال أبو لهب: فلا تحزن، فأنا أقوم عليها بعدك فجعل أبو لهب يقول لكل من لقي: إن تظهر العزى، كنت قد اتخذت عندها يدًا بقيامي عليها، وإن يظهر محمد على العزى، وما أراه يظهر، فابن أخي فأنزل الله تبارك وتعالى {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} ٥ وتدل هذه الرواية إن صحت على أن أفلح بن النضر لم يكن آخر سادن للعزى وأن الهدم لم يكن في حياته، وإنما كان بعد وفاته.

وتشبه هذه القصة قصة أخرى وردت في الموضوع نفسه، عن أبي أحيحة.


١ تاج العروس "٤/ ٥٥"، "عزز".
٢ تاج العروس "٤/ ١٠٩"، "بس".
٣ الطبري "٣/ ٦٥"، "دار المعارف"، تاج العروس "٤/ ٥٦"، "عزز".
٤ البلدان "٦/ ١٦٧ وما بعدها" بلوع الأرب "٢/ ٢٠٥"، ابن هشام "١/ ٦٥" "هامش الروض الأنف"، الطبري "٣/ ١٢٣"، "٣/ ٦٥"، "دار المعارف"، الأصنام "١٥" "روزا"، "ودبية بن حرمس السلمي سادن العزى"، تاج العروس "١٠/ ١٢٤"، "دبي".
٥ أخبار مكة، للأزرقي "١/٧٦"، البلاذري، أنساب "١/ ١٢١".

<<  <  ج: ص:  >  >>