للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حرمس السلمي"١، وسماه بعض آخر "ربية السلمي"، و"ربية بن جرمي"٢، و"ربيعة بن جرير السلمي"٣.

والرأي المعقول المقبول، هو أن العزى صنم، له بيت وأمامه غبغب، أي خزانة يضع فيها العباد المؤمنون بالعزى هداياهم ونذورهم لها.

كما كانوا ينحرون لها؛ إذ لا يعقل أن يقال إن خالد كسر الصنم وهدم بيته٤. ثم لا يكون العزى صنمًا بل يكون شجرة أو شجرات. وأما الشجيرات، فإنها شجيرات مقدسة أيضًا؛ لأنها في حرم العزى، وشجر الحرم هو شجر مقدس لا يجوز قطعه، ولذلك كان أهل مكة يتجنبون مس شجر الحرم بسوء، فلما أراد "قصي" اعتضاده، هابت قريش عمله وخافت سوء العاقبة، ونهته عن مسه بسوء، ولكنه أقدم على قطعه، لم يبال برأيهم، ولم يحفل بنصائحهم، فقطعه. وكان بيت العزى يسمع فيه الصوت. وقد ذكر الأخباريون أنه كان في كل من اللات والعزى ومناة شيطانة، تكلمهم، وتظهر للسدنة وقد نسبوا ذلك إلى صنع إبليس٥. والظاهر أن الحبشية المذكورة التى قتلها خالد، وزعم أنها شيطانة إن صح ما ذكره الرواة عن وجودها، كانت امرأة كان السادن يخفيها في موضع سري، وهي التي تجيب عن أسئلة السائلين فينسب السادن كلامها إلى العزى.

ومما يؤيد رأيي في أن "العزى" صنم، ما ورد في تفسير "الطبري" من قوله: "بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم" خالد بن الوليد إلى شعب بسقام ليكسر العزى، فقال سادنها، وهو قيمها: يا خالد أنا أحذركها إن لها شدة لا يقوم إليها شيء. فمشى إليها خالد بالفأس فهشم أنفها٦. مما يدل على أنها كانت صنمًا أنثى، أي تمثالًا لامرأة؛ لأنها أنثى.

ويظهر من هذا البيت:

أما ودماء مائرات تخالها ... على قنة العزى وبالنسر، عندما٧

إن عبَّاد العزى كانوا قد لطخوا قنة الصنم، أي أعلاه ورأسه بدم الأضاحي. وكذلك فعل عبَّاد الصنم نسر بقنة صنمهم.


١ بلوغ الأرب "٢/ ٢٠٤".
٢ تاج العروس "٤/ ٥٥ وما بعدها"، "عزز".
٣ تاج العروس "٤/ ١٠٩"، "بس".
٤ المحبر "١٢٣".
٥ الأزرقي "١/ ٧٥"، "باب ما جاء في اللات والعزى".
٦ تفسير الطبري "٢٤/ ٥"، تفسير القرطبي "١٥/ ٢٥٨".
٧ اللسان "١٣/ ٣٤٩"، "قنن".

<<  <  ج: ص:  >  >>