للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويظهر من شعر لـ"أبي خراش الهذلي" أن "دبية" كان كريمًا، يطعم الناس، عظيم القدر، له جفنة حين الشتاء، وقد مدحه؛ إذ حذاه نعلين جيدين، كما رثاه يوم قتل بأبيات ذكرها "ابن الكلبي" في كتابه الأصنام١.

وذكر بعض أهل الأخبار أن "خالد بن الوليد" هدم بيت العزى عام الفتح، وقتل إذ ذاك سادنه "ربيعة بن جرير السلمي"٢. وروايات الأخباريين عن العزى يكتنفها شيء من الغموض واللبس، ويدل ذلك على أنهم لم يكونوا على علم تام بالعزى فبينما هم يذكرون أن العزى شجرة أو سمرة٣. تراهم يذكرون في روايات أخرى أنها شيطانة تأتي ثلاث سمرات، أي أن العزى هي تلك الشيطانة، لا السمرة أو السمرات الثلاث٤، ثم تراهم يذكرون في روايات أخرى أن العزى صنم، وأن الرسول حينما أمر خالد بن الوليد بهدمه، قال له لما هدم العزى، وعاد: "أرأيت شيئًا؟ قال: لا، قال: فارجع فاهدمه، فرجع خالد إلى الصنم فهدم بيته، وكسر الصنم، فجعل السادن يقول: أعزى اغضبي بعض غضباتك. فخرجت عليه امرأة حبشية عريانة مولولة، فقتلها وأخذ ما فيها من حلية، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره بذلك، فقال: تلك العزى، ولا تعبد العزى أبدًا"٥. ومعنى هذا أن العزى صنم، كان في داخل بيت العزى، وأن خالد بن الوليد كسره، وهدم بيته ولم يكن شجرة. أما تلك السمرة أو السمرات الثلاث، فلم تكن إلا أشجارًا نبتت في حرم البيت. لذلك صارت محرمة لا يجوز مسها بأي سوء كان.

وقد سمى بعض أهل الأخبار اسم آخر سدنة العزى "دبية" و"دبية بن


١ الأصنام "١٤ وما بعدها" "روزا".
٢ تاج العروس "٤/ ١٠٩"، "بس"، ابن سعد، حلقات "٢/ ١٤٦".
٣ السمر: شجر صغار الورق قصار الشوك وله برمة صفراء يأكلها الناس، وليس في العضاه شيء أجود خشبًا من السمر، بلوغ الأرب "٢/ ٣٠٤"، تاج العروس "٤/ ١٠٩"، "بس".
٤ البلدان "٦/ ١٦٧ وما بعدها"، المحبر "٣١٥" بلوغ الأرب "٢/ ٢٠٤"، الأصنام "١٥ وما بعدها" "روزا".
٥ الطبري "٣/ ٦٥" "دار المعارف"، روح المعاني "٢٧/ ٤٧ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>