للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاء في رواية أن عمرو بن لحي خرج من مكة إلى الشأم في بعض أموره، فلما قدم مآب من أرض البلقاء، وبها يومئذ العماليق، وهم ولد عملاق، ويقال عمليق، وجدهم يتعبدون للأصنام، فقال لهم: ما هذه الأصنام التي أراكم تعبدون؟ قالوا له: هذه الأصنام نعبدها، فنستمطرها فتمطرنا، ونستنصرها فتنصرنا. فقال لهم: أفلا تعطونني منها صنمًا، فأسير به إلى الأرض العرب، فيعبدوه؟ فأعطوه صنمًا يقال له هبل، وأخذه، فتقدم به إلى مكة فنصبه، وأمر الناس بعبادته١.

ولسنا نجد في كتب أهل اللغة أو الأخبار تفسيرًا مقبولًا لمعنى "هبل". وقد ذهب بعضهم إلى أنه من "الهبلة"، ومعناها القبلة. وذكر بعض آخر أنه من "الهبيلي"، بمعنى الراهب، وذكر أن "بني هبل" كانت تتعبد له٢. وذكر أنه من "هبل" بوزن "زفر" ومعناها كثرة اللحم والشحم، أو من "هبل" بمعنى غنم، وما شاكل ذلك من آراء٣. ويكمن سبب اضطراب العلماء في تسميته في أنه من الأصنام المستوردة من الخارج التي حافظت على تسميتها الأصلية، فوقع لديهم من ثم هذا الاضطراب.

وكانت تلبية من نسك هبل: "لبيك اللهم لبيك". إننا لقاح، حرمتنا على أسنة الرماح، يحسدنا الناس على النجاح"٤.

ويذكر أهل الأخبار أن "هبل" كان أعظم أصنام قريش، وكانت تلوذ به وتتوسل إليه؛ ليمنَّ عليها بالخير والبركة، وليدفع عنها الأذى وكل شر. وكانت لقريش أصنام أخرى في جوف الكعبة وحولها. ولكن هبل هو المقدم والمعظم عندها على الجميع. وقد نصب على الجب الذي يقال له "الأخسف"، وهو بئر، وكانت العرب تسميها "الأخشف"٥.

وذهب بعض المستشرقين إلى أن "هبل"، هو رمز إلى الإله القمر، وهو


١ سيرة ابن هشام "١/ ٦٢"، "وقد طبعت في هامش كتاب الروض الأنف للسهيلي"، ديوان حسان "تحقيق هرشفلد"، سيرة ابن هشام "١/ ٨٢"، البداية والنهاية "١/ ١٨٧ وما بعدها" اليعقوبي "١/ ٢١١"، مروج "٢/ ٢٣٨".
٢ اللسان "١١/ ٦٨٦"، تاج العروس "٨/ ١٦٨"، "هبل".
٣ البلدان "٨/ ٤١٦".
٤ المحبر "ص٣١٥".
٥ أخبار مكة "١/ ٦٦ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>