للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصنام أخرى عبدت في عهد نوح١. وقد ظن بعض المستشرقين أن هذا الصنم لم يكن معبودًا في الجاهلية القريبة من الإسلام وعند ظهور الإسلام، وهو رأي غير صحيح؛ إذ ورد ذكره في شعر للنابغة، وكان له معبد في دومة الجندل، وسدنة وأتباع، ولدينا أسماء جملة رجال جاهليين عرفوا بـ"عبد ود". وقد ذكر أن قريشًا كانت تتعبد لصنم اسمه ود، ويقولون له أد أيضًا٢.

ونعت "ود" بالإله "أل هن" "الهن" في بعض الكتابات جاء في أحد النصوص "ودم الهن"، أي "ود الإله"، و"كهلن"، أي "الكاهل" بمعنى القدير والمقتدر٣. وهما من صفات هذا الإله التي كان يراها المعينيون فيه.

ويرمز "ود" إلى القمر، عند المعينيين، وهو الإله الرئيس عندهم. وقد وردت لفظة "شهرن"، أي "الشهر" بعد كلمة "ود" في بعض الكتابات فورد: "ودم شهرن"، أي "ود الشهر". وتعني لفظة "شهر" القمر في عربية القرآن الكريم٤. و"ود" هو الإله "القمر" عند بقية العرب الجنوبيين. ومتى ورد اسمه في نص، قصد به القمر.

وقد نعت "ود" بـ"الأب"، تعبيرًا عن عطفه على المتعبدين له وعن رحمته بهم. فورد في النصوص المعينية: "ودم أبم"، و"أبم ودم" أي "ود أب"، و"أب ود"، فهو بمثابة الأب للإنسان. والأب من كان سببًا في إيجاد شيء أو إصلاحه أو ظهوره. وقد عثر على أخشاب وأحجار حفرت عليها أسماء ود أو جمل "ودم أبم" أو "أبم ودم"، وذلك فوق أبواب المباني؛ لتكون في حمايته ورعايته، وللتبرك باسمه وللتيمن به، كما وجدت كلمة "ود" محفورة على أشياء ذات ثقوب، تعلق على عنق الأطفال لتكون تميمة وتعويذة يتبرك بها٥. فعلوا ذلك كما يفعل الناس في الزمن الحاضر في التبرك بأسماء الآلهة والتيمن بها لمنحها الحب والبركة والخيرات.

ويظن أن لفظة "ود" ليست اسم على القمر، بل هي صفة من صفاته، تعبر عن الود والمودة. فهي من الأسماء الحسنى للقمر إذن.


١ سورة، نوح، الآية ٢٣.
٢ البلدان "٨/ ٤٠٧"، "ود"
٣ Hommel, Grundriss, I, S. ١٣٦, Glaser ٢٨٤, Halevy ٢٣٧, ChRestom, ٩١, ٩٧.
٤ Galser ٣٢٤, Handbuch I, s. ٣٧.
٥ Halevy ٥٣٤, ٥٣٥, ٥٨٦, ٥٧٨, ٥٩١, ٦٨٥, Glaser ٨٠, ٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>