للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل إنهم كانوا يدورون حوله أسابيع كما يطاف بالكعبة. وقيل حجارة كانوا يطوفون حولها تشبهًا بالكعبة١

وتلعب عبادة الحجر دورًا بارزًا في "الدوار" فقد كان قوم من أهل الجاهلية يقيمون الأحجار، ثم يطوفون حولها، يتخذون الدوار عبادة لهم. وقد تكون الأحجار أصنامًا، وقد تكون حجارة تنتقى فيطاف حولها، و"عن أبي رجاء العطاردي، قال: لما بعث النبي، صلى الله عليه وسلم، فسمعنا به لحقنا بمسيلمة الكذاب، فلحقنا بالنار، وكنا نعبد الحجر في الجاهلية، فإذا وجدنا حجرًا هو أحسن منه، ألقينا ذلك وأخذناه، فإذا لم نجد حجرًا جمعنا حثية من تراب ثم جئنا بغنم فحلبناها عليه ثم طفنا به، وكنا إذا دخل رجب قلنا جاء منصل الأسنة، فلا ندع سهمًا فيه حديدة، ولا حديدة في رمح إلا نزعناها وألقيناها"٢.

ويلاحظ أن الجاهليين كانوا يقيمون وزنًا للحليب في أمور العبادة فقد كانوا يسكبونه على الأصنام، كما رأينا في باب الأصنام وفي القصة المتقدمة. ويلاحظ أن الرواية قد خصصت حليب الغنم، ولم تشر إلى حليب الإبل، أو حليب أية ماشية أخرى، مما قد يدل على وجود رابطة بين هذا الحليب وبين "الدوار" وأن له علاقة بالأساطير، وذلك في حالة صدق الخبر بالطبع.

والطواف من أهم طرق التعبد والتقرب إلى الآلهة. يؤدونه كما يؤدون الشعائر الدينية المهمة مثل الصلاة، وليس له وقت معلوم، ولا يختص ذلك بمعبد معين ولا بموسم خاص مثل موسل الحج، بل يؤدونه كلما دخلوا معبدًا فيه صنم، أو كعبة أو ضريح، فهم يطوفون سبعة أشواط حول الأضرحة أيضًا: كما يطوفون حول الذبائح المقدمة إلى الآلهة. فالطواف إذن من الشعائر الدينية التي كان لها شأن بارز عند الجاهليين.

وكانوا يطوفون بالبيت في نعالهم، لا يطئون أرض المسجد تعظيمًا له٣. إلا أن يكون الحاج فقيرًا حافيًا. فقد كان منهم من لا يملك نعالًا ولا خفًّا ولا


١ تاج العروس "٣/ ٢١٦" "دار".
٢ زاد المعاد" ٣/ ٣٢"، "فصل في قدوم وفد بني حنيفة"، إرشاد الساري "٦/ ٤٣٥"، "باب وفد بني حنيفة".
٣ اليعقوبي "١/ ٢٢٦"، "أديان العرب".

<<  <  ج: ص:  >  >>