للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإفاضة:

ومن "عرفة" تكون الإفاضة إلى "المزدلفة". و"المزدلفة"، موضع يكاد يكون على منتصف الطريق بين عرفة و"منى". وفيه يمضي الحجاج ليلتهم، ليلة العاشر من "ذي الحجة". ومنه تكون الإفاضة عند الشروق إلى "منى". وقد نعت بـ"المشعر الحرام" في القرآن الكريم١. ويذكر أهل الأخبار أن "قصي بن كلاب"، كان قد أوقد نارًا على "المزدلفة" حتى يراها من دفع من عرفة، وأن العرب سارت على سنته هذه، وبقيت توقدها حتى في الإسلام٢. ولا بد وأن يكون من المواضع الجاهلية المقدسة كذلك، التي كان لها صلة بالأصنام. وقد ذكر علماء اللغة اسم جبل بالمزدلفة دعوه "قزحًا". قالوا إنه "هو القرن الذي يقف عنده الإمام"٣، وذكروا أن "قزح" اسم شيطان٤. ونحن نعرف اسم صنم يقال له "قزاح"، قد تكون له صلة بهذا الموضع.

ويفيض الحجاج في الجاهلية عند طلوع شمس اليوم العاشر من ذي الحجة من "المزدلفة" إلى "منى"؛ لرمي الجمرات ولنحر الأضحي. و"منى" موضع لا يبعد كثيرًا عن مكة. ولعلماء اللغة آراء في سبب التسمية، من جملتها أنها عرفت بذلك لما يمنى بها من الدماء٥. وذكر بعض أهل الأخبار أن "عمرو بن لحي" نصب بمنى سبعة أصنام، نصب على "القرين" القرن الذي بين مسجد منى والجمرة الأولى صنمًا، ونصب على الجمرة الأولى صنمًا، وعلى الجمرة الوسطى صنمًا، وعلى شفير الوادي صنمًا٦. ولا بد أن يكون لهذا الموضع صلة بالأصنام، نظرًا لما له من علاقة متينة بمناسك الحج. وقد يكون لرمي الجمرات ولنحر الذبائح صلة بتلك الأصنام.


١ سورة البقرة، الآية ١٩٨، تفسير الطبري "٢/ ١٦٤"، روح المعاني "٢/ ٧٤"، تفسير ابن كثير "١/ ٢٤٢".
٢ نهاية الأرب "١/ ١٠٩"، "ذكر نيران العرب" صبح الأعشى "١/ ٤٠٩"، الأزرقي "٣٦، ١٣٠، ٤١١، ٤١٥"، "وستنفلد" ابن هشام "٧٧"، ابن سعد ١/ ٧٢" "صادر" اللسان "٩/ ١٣٨"، البلدان "٤/ ٥١٩"، تاج العروس "٦/ ١٣١".
٣ تاج العروس "٢/ ٢٠٧"، "قزح".
تاج العروس "٢/ ٢٠٧"، "قزح".
٥ تاج العروس "١٠/ ٣٤٨"، "منى".
٦ الأزرقي "٢/ ١٤٢".

<<  <  ج: ص:  >  >>