للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الجاهلية. ولذلك عرف هذا العيد: عيد الحج بـ"عيد الأضحى". وعرف اليوم الذي تضحى به الأضحية بـ"يوم النحر" وبـ"الأضحى" وبـ"يوم الأضحى". وكانوا ينحرونها على الأنصاب وعلى مقربة من الأصنام، فتوزع على الحاضرين ليأكلوها جماعة أو تعطى للأفراد. وقد تترك لكواسر الجو وضواري البر فلا "يصد عنها إنسان ولا سبع"١. وتبلغ ذروة الحج عند تقديم العتائر؛ لأنها أسمى مظاهر العبادة في الأديان القديمة.

وكان الجاهليون يقلدون هديهم بقلادة، أو بنعلين، يعلقان على رقبتي الهدي، أشعارًا للناس بأن الحيوان هو هدي، فلا يجوز الاعتداء عليه، كما كانوا يشعرونه. والإشعار الإعلام. وهو أن يشق جلد البدنة أو يطعن في أسنمها في أحد الجانبين بمبضع أو نحوه، وقيل في سنامها الأيمن حتى يظهر الدم ويعرف أنها هدي والشعيرة البدنة المهداة٢.

وكان بعض أهل الجاهلية، يسلخون جلود الهدي؛ ليأخذوها معهم. ويتفق هذا مع لفظة "تشريق" التي تعني تقديم اللحم. ومنه سميت أيام التشريق، وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر؛ لأن لحوم الأضاحي تشرق فيها، أي تشرر في الشمس٣. وقيل سمي التشريق تشريقًا؛ لأن الهدي لا ينحر حتى تشرق الشمس٤. ويظهر أن الجاهليين كانوا ينحرون قبيل شروق الشمس وعند شروقها. بدليل ما ورد في الحديث من النهي عن ذلك. ومن حديث: "من ذبح قبل التشريق فليعد". أي قبل أن يصلي صلاة العيد. وهو من شروق الشمس وإشراقها لأن ذلك من وقتها٥.

ولا يحل للحجاج في الجاهلية حلق شعورهم أو تقصيرها طيلة حجهم، وإلا بطل حجهم. ويلاحظ أن غير العرب من الساميين كانوا لا يسمحون بقص الشعر في مثل هذه المناسبات الدينية أيضًا، لما للشعر من أهمية خاصة في الطقوس.


١ ابن هشام "١٠٠"، المشرق: السنة السابعة والثلاثون، كانون الثاني - أذار ١٩٣٩م، "٩٢".
٢
نُقَتِّلُهم جِيلًا فجِيلًا نَرَاهُمُ ... شَعَائِرَ قُربانٍ بِهِم يُتقَرَّبُ
تاج العروس "٣/ ٣٠٣ وما بعدها"، "شعر".
٣ تاج العروس "٦/ ٣٩٣"، "شرق".
٤ المصدر نفسه.
٥ تاج العروس "٦/ ٣٩٣"، "شرق".

<<  <  ج: ص:  >  >>