للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تلمسه، وإذا تعذر الوصول إليه بسبب ما، فيجوز أن يفعل ذلك راكبًا على جمل١.

ومن هذا القبيل أيضًا طرق مطارق أبواب البيوت المقدسة طرقات خفيفة، وإمرار بعض الأشياء مثل الملابس على الأصنام والصخور والمواضع المقدسة لاكتساب البركة، والتمسح بجدران البيت او استلام أركانه أو التعلق بأطراف الكسوة. وتلطيخ الأحجار بدماء الضحية التي تقدم للأوثان وذلك بصب الدماء عليها، أو بتلطيخها وتلويثها كلها أو جزء منها بدم الضحية، توكيدًا بإراقة دم الضحية في نفس من ضحيت الضحية من أجله٢.

وقيل إن من شعائر الجاهليين في الحج أن الرجل منهم كان إذا أحرم، تقلد قلادة من شعر، فلا يتعرض له أحد. فإذا حج وقضى حجه، تقلد قلادة من "إذخر"، والإذخر نبات زكي الرائحة، وأن الرجل منهم يقلد بعيره أو نفسه قلادة من لحاء شجر الحرم، فلا يخاف من أحد، ولا يتعرض له أحد بسوء٣. وتذكرنا هذه العادة بما يلبسه بعض الحجاج عند إتمامهم حجهم وعودتهم إلى بلادهم من لباس "كوفية" خاصة بأهل مكة ومن عقال حجازي وذلك بالنسبة للرجال، وخمار أبيض بالنسبة للنساء، وذلك طيلة الأيام السبعة الأولى من احتفالهم بالعودة من الحج.

ولم يكن الجاهليون القريبون من مكة أو البعيدون عنها يقصدونها في حج "عرفة" وعمرة "رجب" حسب، بل كانوا يقصدونها في أوقات مختلفة وفي المناسبات، للطواف حول الأصنام، واستلام الحجر الأسود، والتقرب إلى الآلهة المحلية. وقد ساعد ذكاء سادة قريش الذي تجلى في جمعهم أكثر ما أمكنهم جمعه من أصنام القبائل في "البيت الحرام"، على اجتذاب القبائل إليها، وبذلك نشطوا في استغلال مواسم الحج والعمرة بالاستفادة من القادمين بالاتجار معهم، وببيع ما


١ وفي الحديث أن الرسول طاف وسعى بين الصفا والمروة، وهو على ظهر جمل، البخاري "١/ ٦٦، ٢١١"، السنن "٢/ ٣٧، ٣٩"، مسلم "١/ ٤٨٦، ٤٨٨"، الأغاني "١٣/ ١٦٦"، المشرق، السنة السابعة والثلاثون، كانون الثاني – أذار ١٩٣٩م "ص٨٧ وما بعدها".
٢ Reste, S. ١٠٩.
٣ بلوغ الأرب "٢/ ٢٨٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>