للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

احترامًا لقدسية المكان وخشية التدنيس١. وقد حتم الجاهليون على من يريد دخول الكعبة من المتمكنين خلع نعليه؛ احترامًا للبيت. ذكر أهل الأخبار أن أول من خلع نعليه لدخول الكعبة "الوليد بن المغيرة"، فخلع الناس نعالهم في الإسلام٢.

وقد عثر على كتابات جاهلية تبين منها، أن الجاهليين كانوا يعدون طهارة الملابس وطهارة الجسم من الأمور الملازمة لمن يريد دخول المعبد، فإذا دخل إنسان معبدًا وهو نجس عدَّ آثمًا، وقد ورد أن رجلًا اتصل بامرأة، ثم دخل المعبد بملابسه التي كان يلبسها حين اتصل بها، فعدَّ آثمًا، ودفع فدية عن إثمه إرضاءً للآلهة٣. وورد أن رجلًا دخل معبد الإله "رب السماء" "ذ سموى" بمعطف نجس، فدفع فدية عن ذلك، جزاء ما ارتكبه من إثم٤. فدخول المعابد بملابس نجسة، نجاسة: مادية أو معنوية، إثم، تعاقب الآلهة عليه، لهذا اشترطت ديانتهم عليهم عدم دخول بيوت الآلهة، إلا بملابس طاهرة نظيفة حرمة وتقديرًا لهذه البيوت.

وللسبب المذكور اشترط سدنة الصنم "الجلد" على من يريد من عباده تقديم قربان إليه، أو تكليمه كراء ثياب مسدنة، للبسها بدلًا من ملابسهم؛ لأنها ملابس نظيفة طاهرة، لم تمسها أدران مادية أو معنوية٥. وهو شرط نجده عند غير العرب أيضًا كالعبرانيين٦. وقد كانت المعابد تدخر ملابس تكريها لمن يريد أداء شعائر زيارة بيوت الأصنام.

وورد في كتب أهل الأخبار، أن الجاهليين حتموا على المرآة الحائض ألا تمس الصنم ولا تتمسح به، وألا تدخل بيته لنجاسة الحيض٧. وورد أن "فاختة" أم "حكيم بن حزام بن خويلد"، كانت دخلت الكعبة وهي حامل متم بحكيم.


١ Ency, Rengi,٦, p. ٥٣.
٢ ابن رسته، الأعلاق "١٩١"، صبح الأعشى "١/ ٤٢٨".
٣ Glaser, ١٠٥٢, Hofmus, ٦, CIH, ٥٢٣, Grohmann,s. ٢٥١. f.
٤ Rep, Epigr, ٣٩٥٦, Grohmann, s. ٢٥٢.
٥ البلدان "٣/ ١٢٢".
٦ "ثم قال الله ليعقوب: قم فاصعد إلى بيت إيل، وأقم هناك، واصنع هناك مذبحا لله الذي ظهر لك عند هربك من وجه عيسو أخيك. فقال يعقوب لأخيه وسائر من معه: أزيلو هذه الآلهة الغريبة التي بينكم وتطهروا وابدلوا ثيابكم. وهلموا تصعد إلى بيت إيل"، التكوين، الفصل "٣٥"، الآية ١ وما بعدها.
٧ الأصنام "٣٣"، خزانة الأدب "٣/ ٢٤٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>