للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن حزام فأجاءها المخاض، فلم تستطع الخروج من الكعبة، فوضعته فيها فلفت في الأنطاع هي وجنينها، وطرح مثبرها وثيابها التي كانت عليها، فجعلت لقى لا تقرب١. فيظهر من هذا الخبر أن أهل كانوا يعتبرون دم المخاض والولادة نجسًا، ولهذا اعتبرت الأنطاع التي وضعت "فاختة" جنينها عليها بل اعتبرت هي نجسة أيضًا فلفت بالأنطاع وألقيت، وجعلت لقى لا يمسها أحد.

وعثر المنقبون على أحواض داخل المعابد في العربية الغربية يظهر أنها كانت للوضوء؛ لتطهير الجسم قبل الدخول إلى المسجد، موضع الصنم ... وذلك بغسل الوجه واليدين والقدمين وربما الأبدان كذلك، قبل الدخول إلى بيت الصنم، ولكون هذا الوضوء تطهيرًا للجسم، عرفت "الميضأة" بالمطهرة؛ لأنها تطهر من الأدران٢. ولهذا السبب، حفرت الآبار في المعابد؛ لتموين هذه الأحواض بالماء، وللتبرك أيضًا بالماء المقدس، ولاستعماله في أغراض أخرى، منها تنظيف الجسم من الأدران بعد قضاء الحاجة.

ولهم آداب اتبعوها حين دخولهم بيت الصنم وحين خروجهم منه. من ذلك أن القبائل كانت تتجنب أن تجعل ظهورها على مناة إعظامًا للصنم. فكانت تنحرف في سيرها، حتى لا يكون الصنم إلى ظهرها. وفي ذلك قال الكميت بن زيد، أحد بني أسد بن خزيمة بن مدركة:

وَقَد آلَت قَبَائِلُ لاَ تُوَلِي ... مَنَاةَ ظُهُورِهَا مُتَحَرِّفِينَا٣

وقد تطورت أشكال المعابد وهندستها بتطور الحضارة، وبشكل طبيعة الأرض التي يقام المعبد عليها. وهي تتناسب مع درجة تطور الشعوب ودرجة رقيها وطراز تفكيرها واختلاطها بالأمم المجاورة. ولذلك نجد معابد "تدمر" مثلًا قد تأثرت بطراز البناء الإغريقي؛ لتغلغل الثقافة اليونانية فيها، ولتأثر سكان المدينة باليونان. كذلك نجد هذا الأثر والأثر الروماني في معابد بلاد الشأم وفلسطين فالمعبد إذن


١ الروض الأنف "١/ ١٣٤"، الإصابة "١/ ٣٤٨"، "رقم ١٨٠٠" كتاب نسب قريش "٢٣١".
٢ تاج العروس "١/ ١٣٤"، "وضوء".
٣ ابن هشام "١/ ٩٠٠"، المشرق، السنة ١٩٣٨م، "الجزء الأول"، "ص١١". ابن هشام "١/ ٦٥"، "حاشية على الروض الأنف"، "قصة عمرو بن لحي، وذكر أصنام العرب".

<<  <  ج: ص:  >  >>