للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دين، فلا يجوز انتهاك حرمتها، ولا القيام بأعمال شائنة دنسة فيها، خاصة بالقياس إلى الأماكن المقدسة جدًّا التي تعد محجة للناس، وقد اتخذت حول البيوت مواضع عدت جزءًا من المعبد حددت بحدود، فما كان داخلًا عد حرمًا آمنًا، وما كان خارج الحد كان خارجًا عن المعبد، فليست له تلك الحرمة التي عينتها شريعة القوم للمعابد.

وأقدس مكان في المعبد هو "البيت"، أي الغرفة التي تضم الصنم أو الأصنام. فقد كانت البيت، وهو المسمى الكعبة في مكة، أقدم موضع عند قريش وعند غيرهم من عبدة الأصنام الذين كانوا يقدسون "البيت الحرام"، وذلك بسبب وجود الأصنام فيه.

ويعبر في العربية الجنوبية عن البيت الذي توضع فيه الأصنام، بـ"مختن"١. فهو إذن بمثابة الكعبة بمكة.

ويقال للأرض الحرام المقدسة التي تحيط بـ"البيت"، "الحرم" قيل سمي "الحرم" حرمًا لتحريم الناس فيه كثيرًا مما ليس بمحرم في غيره من المواضع٢. وقد وردت اللفظة في الكتابات النبطية. فوردت في كتابة نبطية عثر عليها في "بطرا" علمًا لحرم الإله ذي الشرى، قصد به الأرض المقدسة المحيطة ببيت ذلك الصنم، والمعبد كله؛ لأنه مرحم ومقدس: "حرم ذي الشرى الإله ربنا"٣.

ولا يجوز لأحد انتهاك حرمة الحرم والاعتداء عليه. وإذا دخل إنسان الحرم صار آمنًا منطمئنًا، لا يجوز أن يُعتدى عليه، ولا أن يمس بسوء، وإن كان قاتلًا، وحدود الحرم أنصابه، وهي علاماته، فمن اجتازها وصار في داخلها، دخل في حرمة الحرم.

وما كان خارج الحرم، هو من الحل، أي من المنطقة الخارجة عن حرمة المعبد. فلا تشملها الأحكام المفروضة على الحرم.

وكان الرجل في الجاهلية إذا أحدث حدثًا ولجأ إلى الكعبة، لم يهج، فكان إذا لقيه ولي الدم في الحرم، قيل له: هو صرورة ولا تهجه٤.


١ Grohmann, s. ٢٤٩.
٢ المفردات "١١٣".
٣ Lidzbarski, nord semi, Epigra, s. ٢٨٠. CIS, II, p. ٣٥٠. G. A. Cooke, North Semi, Inscriptions, Oxford, ١٩٠٣.p. ٧٩. Ency. Religi, ٦.p. ٧٥٣.
٤ تاج العروس "٣/ ٣٣١"، "صرر".

<<  <  ج: ص:  >  >>