للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند خطبته على سيف أو عصا وأول من علا على شرف وخطب عليه، وأول من قال: "أما بعد"، وأول من كتب "إلى فلان بن فلان"١. وأول من قال: "البينة على من ادعى واليمين على من أنكر"، فكل ما عرفه العرب من هذه الأمور، هو من صنعة قس وعمله. ثم أنه كان أحد حكماء العرب، وكان أسقف نجران، وخطيب العرب كافة٢. وذكروا أن له ولقومه فضيلة ليست لأحد من العرب، لأن الرسول روى كلامه وموقفه على جمله الأورق بعكاظ وموعظته، وعجب من حسن كلامه، وأظهر تصويبه٣، وأنه قال فيه: "يحشر أمة وحده" ٤.

وجاء في رواية في تفسير قول الرسول: "يحشر أمة وحده"، أو "يرحم الله قسًا، إني لأرجو أن يبعث يوم القيامة أمة واحدة"، أن وفدًا من إياد قدم على النبي: فسألهم عن قس، فقالوا: هلك. فقال: "رحمه الله، كأني أنظر إليه بسوق عكاظ على جمل له أورق "أحمر" وهو يتكلم بكلام عليه حلاوة ما أوجدني أحفظه". فقال رجل من القوم، أنا أحفظه يا رسول الله. سمعته يقول: أيها الناس اسمعوا وعوا ... إلى آخر الخطبة، وما جاء بعدها من شعر، فقال رسول الله عندئذ قوله المذكور فيه٥.

ويختلف هذا الخبر بعض الاختلاف مع خبر آخر أشرت إليه قبل قليل، فقد وردت في ذلك الخبر أن رسول الله كان يحفظ تلك الخطبة، غير أنه لم يكن يحفظ الأبيات الملحقة بها، وكان "أبو بكر" يحفظها، فأعادها على مسامعه٦. كما يختلف عن رواية أخرى، جاء فيها أن الوفد الذي قدم على الرسول كان وفد "عبد القيس"، وأن الذي قرأ الشعر عليه هو أحد بني عبد القيس٧.


١ المؤتلف والمختلف، للمرزباني "٣٣٨"، بلوغ الأرب "٢/ ٢٤٦"، الأغاني "١٤/ ٤٠ وما بعدها" مروج الذهب "١/ ٨٢"، "٢/ ١٠٢"، "دار الأندلس"، البداية والنهاية "٢/ ٢٣٠ وما بعدها".
٢ اللسان "٨/ ٥٨"، شعراء النصرانية "٢/ ٢١١".
٣ بلوغ الأرب "٢/ ٢٤٦".
٤ الأغاني "١٤/ ٤٠".
٥ الأغاني "١٤/ ٤٠ وما بعدها"، المعارف "٦١"، البداية والنهاية "٢/ ٢٣٠ وما بعدها".
٦ البداية والنهاية "٢/ ٢٣٠ وما بعدها"، مجمع الأمثال، للميداني "١/ ١١٧".
٧ البداية والنهاية "٢/ ٢٣٠ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>