للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رواية تظهر عليها سيماء الصنعة، أن الذي أرشد "زيد بن عمرو" إلى الحنيفية، حبر التقى به في بلاد الشام، وعالم نصراني، وذلك أنه كان قد سألهما عن دين صحيح قويم، فأرشداه إلى الحنيفية دين إبراهيم. فدخل فيها وصار يرفع يديه إلى الله ويقول: اللهم إني أشهدك إني على دين إبراهيم١. ونجد في هذه الرواية أسئلة وجهها "زيد" إلى الحبر في البحث عن الله وعن دينه الحق، وأجوبة الحبر عليها. كما نجد أسئلة أخرى ذكر أنه وجهها إلى العالم النصراني، ونجد أجوبة ذلك العالم عليها. وكيف أنهما دلاه على الحنيفية٢.

وذكر "ابن حبيب" أن زيدًا "أول من عاب على قريش ما هم عليه من عبادة الأوثان"٣. وقال عنه "ابن دريد"، وكان قد "ترك دين العرب في الجاهلية وقلاه"٤. وقصد بـ "دين العرب" الوثنية ولا شك. وزعم أنه "كان يحيى الموؤودة. يقول للرجل إذا أراد أن يقتل ابنته مهلًا: لا تقتلها أنا أكفيك مؤونتها، فيأخذها، فإذا ترعرعت قال لأبيها إن شئت دفعتها إليك، وإن شئت كفيتك مؤونتها"٥. وقيل أنه كان يقول: "اللهم لو أعلم أي الوجوه أحب إليك سجدت إليه. ولكني لا أعلمه. ثم يسجد على راحته"٦. وأنه كان "يقول: إلهي إله إبراهيم، وديني دين إبراهيم. وكان يعيب على قريش ذبائحهم ويقول: الشاة خلقها الله وأنزل لها من السماء ماء وأنبت لها من الأرض، ثم تذبحونها على غير اسم الله تعالى! إنكارًا لذلك وإعظامًا له"٧. أو "يا معشر قريش: أيرسل الله قطر السماء، وينبت بقل الأرض، ويخلق السائمة فترعى فيه، وتذبحونها لغيره! والله ما أعلم على ظهر الأرض أحدًا على دين إبراهيم غيري"٨. ويستقبل القبلة ثم يقول:


١ الطبري، تفسير "٣/ ٣٠٦"، صحيح البخاري "٥/ ٥٠"، "مطبعة الأزهر بمصر".
٢ الأغاني "٣/ ١٢٦ وما بعدها" "دار الكتاب المصرية"، البداية "٢/ ٢٣٨".
٣ المحبر "ص ١٧١".
٤ الاشتقاق "ص ١٠٣".
٥ طبقات ابن سعد، الجزء الثالث: القسم الأول "ص ٢٧٦ وما بعدها".
٦ المحبر "ص ١٧١".
٧ أسد الغابة "٢/ ٢٣٦"، طبقات الشعراء "٦٦" "طبعة ليدن"، بلوغ الأرب "٢/ ٢٤٨"، البداية والنهاية "٢/ ٢٣٧"، إرشاد الساري "٦/ ١٧١ وما بعدها".
٨ الأغاني "٣/ ١١٩ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>