للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والساهور، كلمة آرامية الأصل من أصل "سهرو" SahroK بمعنى القمر، أي تمامًا بالمعنى الوارد في شعر أمية١.

وهذا الشعر المنسوب إلى أمية وغريبه خاصة مادة مهمة جدًّا تجب دراستها بعناية، لمعرفة مبلغ صحة ما جاء في أخبار الرواة عن هذه الكلمات وعن أصولها ومواردها الأولى، إن صح إنها من أشعار تلك الأيام حقًّا، إذ ترشدنا أمثال هذه الدراسات إلى معرفة المنابع التي استقى منها هذا الشاعر علمه وإلهامه ومدى تأثره وتأثره أمثاله من الجاهليين بالآراء والتيارات الفكرية التي كانت في مكة وفي خارج جزيرة العرب قبيل الإسلام.

وقد روى الإخباريون قصصًا عن التقاء أمية بالرهبان، وعن توسمهم معالم النبوة فيه، فكانوا يسألونه أسئلة تستخرج من أجوبتها في نظرهم معالم النبوة. فلما كانوا يقفون على الأجوبة، يقولون له: كادت النبوة تكون فيه، لولا بعض النقص في علاماتها عنده، كما رووا قصصًا عن شق طيرين لقلب هذا الشاعر، لتنظيفه، وتهيئة النبوة فيه. ولكنهما عندما وقفا عليه لم يجدا أن النبوة خلقت له٢. وقد حاكى أهل الأخبار قي قصصهم هذا ما رواه رجال السير عن علامات النبوة عند الرسول٣. كذلك رووا أنه كان يتفرس في لغات الحيوانات، فيعرف ما تقوله وما تريده ويقصه على الناس وإنه كان يسخر الجن، وكانت تطيعه، وأنه تنبأ بموته حينما نعب عليه الغراب٤. فجعلوه بأخبارهم هذه في مرتبة تضاهي سليمان في علمه بمنطق الطير وبقية الحيوانات٥. وذكر "ابن دريد": "كان بعض العلماء يقول له لولا النبي صلى الله عليه وسلم، لادعت ثقيف أن أمية نبي، لأنه قد درس النصارى وقرأ معهم، ودارس اليهود وكل الكتب قرأ"٦.

وتشبه قصة تنظيف الطيرين لقلب أمية، وهي القصة التي أشرت إليها قبل


١ غرائب اللغة العربية "ص١٨٩".
٢ الأغاني "٤/ ١٢٣ وما بعدها"، شعراء النصرانية، الجزء الثاني "ص٢١٩". ابن سلام، طبقات فحول الشعراء "٢٢٠ وما بعدها" "دار المعارف
Sprenger, Leben, I, s. ١١٩, M. cl. Huart, Le Livre de La Creation Et de L'histoir, I, pp. ٥٥, ١٥٣, ١٥٥, ١٥٦, ١٩٠, ١٩١, ١٩٥.
٤ البداية والنهاية "٢/ ٢٢٧ وما بعدها".
٥ النمل، الآية ١٥ وما بعدها.
٦ الاشتقاق "ص١٨٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>