للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه سيموت وذكر علامة ذلك، فكان أن مات على نحو ما قال للقوم١. وذكر أيضًا أنه لما كان على فراش الموت محتضرًا أفاق عدة مرات، وكان يتلو في كل مرة: "لبيكما لبيكما"، ها أنذا لديكما"، ثم يتلو هذا الكلام بكلام آخر فيه توسل وتضرع إلى الإله، إلى أن أفاق للمرة الأخيرة، فقال شعرًا بين فيه أن الموت أمر لا بد منه، وأنه هالك في هذه المرة لا محالة، ثم هلك، دون أن يؤمن بالرسول٢.

وهذا القصص الوارد عن أمية، وهو -بالطبع- من القصص المصنوع الموضوع، مثل كثير من أخباره وأخبار غيره، قص على ذوي القلوب الطيبة من الرواة والإخباريين، فأخذوه ونقلوه كما نقلوا ما شاء الله من الإسرائيليات والأساطير، وروي على أنه مما كان يعلمه الأحبار والرهبان والخاصة من أهل الكتاب.

ولا أستبعد أن يكون هذا القصص قد ظهر في أيام الحجاج عصبية وتقربًا إليه، فقد كان الحجاج من ثقيف، وكان أمية من ثقيف كذلك. وقد أنتج الوضاعون في أيامه شيئًا كثيرًا من الأخبار في قبيلة ثقيف، كما أنتجوا شيئًا في ذمها وفي ذم رجالها نكاية به.

وقد يكون في قول "الحجاج" حين سئل عن شعر أمية، شيء من التوجع والتألم أو المبالغة في تقديره حين قال: "ذهب قوم يعرفون شعر أمية، وكذلك اندراس الكلام". وقد يكون كلام الحجاج غير ذلك، لو كان أمية من قبيلة أخرى.

ونحن نستطيع إدخال قول من قال عن "أمية" "قيل أنه كان نبيا"٣ في جملة هذه الدعاوي التي وضعت في هذا العهد، للرفع من شأن "ثقيف" ومن الرد على المتهجمين عليها الطاعنين حتى في نسبها الذين جعلوا "ثقيفًا" من بقية "ثمود وأيدوا قولهم هذا بحديث زعموا أن الرسول قاله: "ثقيف من


١ البداية والنهاية "٢/ ٢٢٧".
٢ الأغاني "٤/ ١٢٥ وما بعدها"، ابن سلام، طبقات فحول "ص٢٢٠ وما بعدها".
الإصابة "١/ ١٣٤"،"رقم ٥٥٢".
٣ تهذيب ابن عساكر "٣/ ١١٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>