للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بما قام به أجدادهم وأسلافهم في مقام أنبيائهم من عدم التصديق برسالتهم ومن الطعن بهم ومن إصرارهم على عبادة الأوثان والكفر بالتوحيد١.

ووقع جدل بين المسلمين وبين سادات يهود، أثار نزاعا بين الطرفين. دخل أبو بكر "بيت المدارس، فوجد من يهود ناسا كثيرًا قد اجتمع إلى رجل منهم يقال له "فنحاص" كان من علمائهم وأحبارهم ومعه حبر يقال له: أشيع. فقال أبو بكر لفنحاص: ويحك يا فنحاص اتق الله وأسلم، فوالله إنك لتعلم أن محمدا رسول الله قد جاءكم بالحق من عند الله تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة والإنجيل. قال فنحاص: والله يا أبا بكر ما بنا إلى الله من فقر وإنه إلينا لفقير، وما نتضرع إليه، كما يتضرع إلينا وإنا عنه لأغنياء. ولو كان عنا غنيا ما استقرض منا، كما يزعم صاحبكم، ينهاكم عن الربا ويعطيناه، ولو كان غنيا عنا ما أعطانا الربا، فغضب أبو بكر، فضرب وجه فنحاص ضربة شديدة وقال: والذي نفسي بيده لولا العهد الذي بيننا وبينك لضربت عنقك"٢. ووقع مثل ذلك في مناسبات أخرى، جعل اليهود يحقدون على المسلمين.

وعمد اليهود إلى استغلال الأحقاد والبغضاء الكمينة التي كانت كامنة في نفوس أهل يثرب من الأوس والخزرج من أيام الجاهلية، فأثاروها، كما استفادوا مما كان بينهم وبين رجال من المسلمين من الحلف والجوار في الجاهلية للاحتماء بهم وللاتقاء بهم مما قد يلحق بهم من أذى في إثارة الفتنة.

وفي عهد "عمر" أمر بإجلاء اليهود ممن لم يكن لديهم عهد من رسول الله. أما من كان له عهد منه، فقد بقي في وطنه وعلى دينه بالشروط التي ذكرت في الصحف. وقد كان في يثرب نفر من اليهود عاشوا فيها في زمن الرسول حتى بعد إجلاء بني النضير وبني قريظة وبعد غزوة خيبر. وقد ورد في رواية أن النبي لما أمر أصحابه بالتهيؤ لغزوة خيبر، شق ذلك على من بقي بالمدينة من يهود٣. ولما مرض عبد الله بن أبي، كان اليهود في جملة من التفَّ حول سريره في مرضه الذي هلك فيه، ثم كانوا في جملة من شيعه إلى قبره ومن


١ سورة البقرة، الآية ١٠١، ابن هشام "٢/ ١٦٧، ١٧١، ٢٠١".
٢ آل عمران، الآية ١٨١، تفسير الطبري "٤/ ١٢٩ وما بعدها"، تفسير الطبرسي "١/ ٥٤٨"، "طهران".
٣ الطبقات، لابن سعد "الجزء الثاني من القسم الأول "ص٧٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>