للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد وقف العرب الذين كانوا على اتصال باليهود على بعض أحكام دينهم مثل: الرجم بالنسبة للزنا، واعتزال النساء في المحيض. فذكر العلماء أن حكم الإسلام في الحيض "اقتصاد بين إفراط اليهود الآخذين في ذلك بإخراجهن من البيوت، وتفريط النصارى. فإنهم كانوا يجامعوهن ولا يبالون بالحيض"١، ومثل الدعاء إلى الصلاة عند اليهود بالنفخ في "الشبور"٢، وذلك كما تحدثت عنه في موضع، ومثل صوم "عاشوراء" وأعيادهم، ومثل الصلاة وأوقاتهم عندهم.

واستعمل يهود يثرب "القرن" في معابدهم، لإعلان صلواتهم وأعيادهم وإعلان احتفالاتهم والحوادث المهمة التي قد تقع لهم. وقد كانوا يستعملون آلتين، يقال لأحداهما الـ "شوفار" Shophar ومعناها القر، ويقال للأخرى القرن، وتصنع من القرون كذلك. ولذلك اختلط الأمر بينهما. والظاهر أنهما كانتا تختلفان في نوع قرون الحيوانات التي تتخذان منها٣.

وقد اختلف يهود جزيرة العرب عن الجاهليين في الأمور التي حرمتها شريعتهم عليهم في مثل المأكولات، كما اختلفوا عنهم في عبادتهم وفي اعتقادهم بوجود إله واحد، هو "إله إسرائيل"، وفي أمور عقائدية أخرى، واختلفوا عنهم في بعض العادات والمظاهر الخارجية، فكان اليهود مثلا يسدلون شعورهم، أما المشركون فكانوا يفرقون رءوسهم. ورد عن ابن عباس: "أن النبي صلى الله عليه وسلم، يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء، ثم فرق النبي صلى الله عليه وسلم رأسه"٤. ولا يستبعد اختلافهم عنهم في لبس بعض الملابس التي لم تكن مألوفة عند الجاهليين.

وقد ظهر بين اليهود شعراء، نظموا الشعر بالعربية وعلى طريقة العرب في نظم الشعر. منهم السموأل المشهور، و"كعب بن الأشرف" وسماك اليهودي، وسأتكلم عنهم في أثناء حديثي عن الشعر.


١ إرشاد الساري "١/ ٣٤٠"، "كتاب الحيض".
٢ إرشاد الساري "٢/ وما بعدها" "كتاب الآذان".
٣ AreIig Ency VoI III p ١٥٩٩
٤ عمدة القاري "١٧/ ٧١".

<<  <  ج: ص:  >  >>