للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحصن، هو أبوه "عاديا" "عادياء". ولست استبعد أن يكون أكثر هذا الشعر من الشعر المصنوع في الإسلام. وأما نسبة بناء الحصن إلى سليمان، فهي من الأمور المألوفة التي رواها أهل الأخبار عن أبنية سليمان في جزيرة العرب. وردت من أساطير روجها اليهود بين العرب في الجاهلية وفي الإسلام عن عظمة سليمان وبنائه الأبنية العظيمة. وقد خصصوا سليمان دون سائر رجال اليهود بالبناء، لبنائه الهيكل الذي أدهش العبرانيين ولا شك، ولم يكن لهم عهد بمثل هذا العهد من قل. ومن يدري، فلعل هذه الأبيات المنسوبة إلى الأعشى هي من عمل أناس في الإسلام كلفهم اليهود صنعها، للتفاخر والتباهي بمآثرهم الماضية، أو أنها حقًّا من قول الأعشى، صنعها لليهود بعد أن فك شريح أسره وأعطاه شيئًا من المال، والمال مالك لكل لسان.

وزعم أهل الأخبار أن الملكة "الزباء" قصدت هذا الحصن، وحصن مارد، فعجزت عنهما، فقالت: "تمرد مارد وعز والأبلق"، فسيرته العرب مثلا لكل عزيز ممتنع١. و"مارد" حصن بدومة الجندل٢.

ونحن إذا تتبعنا الشعر المنسوب إلى السموأل، نجد معظمه كما قلت منتحلا موضوعا، صنع فيما بعد. وإذا تتبعنا سيرة هذا الشخص وما قيل فيه، نجد أكثره مما لا يستطيع الثبات للنقد. ولعل هذا هو الذي حمل بعض المستشرقين على الشك لا في شعر السموأل وحده، بل في شخصية السموأل نفسها، فذهبوا إلى أنها من اختراع أهل الأخبار، اخترعوها لما سمعوه من قصص مذكور في التوراة عن "صموئيل"٣.

وقد نسب بعض المستشرقين بقاء شعر السموأل وعد ذهابه في الإسلام إلى أهله الذين دخلوا في الإسلام، وبقوا في أماكنهم من تيماء، فلم يكن من الهين عليهم نبذ شعره وتركه، ولهذا حافظوا عليه، فكانت محافظتهم هذه عليه سبب بقائه حتى اليوم٤.


١ تاج العروس "٦/ ٢٩٨"، "بلق".
٢ تاج العروس "٢/ ٥٠٠".
٣ MargoIiouth p ٧٢ Winckier in MVAG Bd VI S٢٦٢
٤ IsImec CuIture III ٢ p ١٩٠ "١٩٣٩"

<<  <  ج: ص:  >  >>