للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والكنائس، كما أشار إلى ذلك بعض مؤرخي الكنيسة. كالذي ذكروه عن المنذر" وعن "النعمان بن المنذر". غير أننا لا نستطيع إقرار ذلك بوجه عام، ولا بد من التريث، إذ يظهر أن أكثر ملوك الحيرة كانوا على الوثنية. وإذا كان كثير من ملوك الغساسنة قد دخلوا في النصرانية فإن ظروفهم تختلف عن ظروف ملوك الحيرة. فقد كان الروم، وهم سادة بلاد الشام، على هذه الديانة، وكانوا يشجعون انتشار النصرانية ويسعون لها، ولهذا كان لهذه السياسة أثر في الغساسنة أصحاب الروم، وهم على اتصال دائم بهم بطبيعة حكمهم لبلاد الشام. أما في العراق، فلم تكن هذه الديانة ديانة رسمية للحكومة، إنما انتشرت بفضل المبشرين، ولهذا انتشرت بين سواد الشعب، ولم تنتشر بين الملوك. ولم تضغط الحكومة الساسانية على ملوك الحيرة للدخول في هذه الديانة التي لم يكونوا أنفسهم داخلين فيها، فهي بالإضافة إليهم ديانة غريبة، لا يعنيهم موضوع انتشارها، ولا يهمهم موضوع انتشارها، ولا يهمهم شأنها ما دامت لا تتعارض وحكمهم في العراق.

وقد كان "هانئ بن قبيضة الشيباني" ممن كان على النصرانية، وهو من سادات "بني شيبان"، ومات وهو على هذا الدين. وكان في جملة من فاوض "خالد بن الوليد" باسم قومه على دفع الجزية للمسلمين.

ومن متنصرة العراق بنو عجل بن لجيم من قبائل بكر بن وائل. وقد عرف منهم "حنظلة بن ثعلبة بن سيار العجلي" الذي سادهم في معركة ذي قار. وقد حاربت "خالد بن الوليد"، وكان قائدها بن بجير وعبد الأسود. وكان منها في أيام بني أمية أبجر بن جابر. وهو والد حجار. وقد بقي على نصرانيته في الإسلام١.

وكان في الحيرة سراة نصارى اشتركوا مع سراة قريش في الأعمال التجارية مثل "كعب بن عدي التنوخي"، وهو من سراة نصارى الحيرة، وكان أبوه أسقفا على المدينة، وكان هو يتعاطى التجارة، وله شركة في التجارة في الجاهلية مع "عمر بن الخطاب" في تجارة البز، وكان "عقيدا"، قدم المدينة في وقد من أهل الحيرة إلى النبي ورأى الرسول، فأسلم في رواية، ولم يسلم في رواية أخرى. ولما توفي الرسول، ثبت على الإسلام على رواية من صيره مسلمًا في


١ الأغاني "١٣/ ٤٦ وما بعدها"، النصرانية "١٣٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>