للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما كان يقوله للناس من رسالته، وأنه هو الذي كان يعلمه، وقد أشير إلى قول قريش هذا في الآية: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} ١. ومن روى من المفسرين أن اسمه جبر، قال: إنه كان غلامًا لعامر بن الحضرمي، وأنه كان قد قرأ التوراة والإنجيل٢، وكان الرسول يجلس إليه عند المروة إلى مبيعته، "فكانوا: والله ما يعلم محمدًا كثيرًا مما يأتي به إلا جبر النصراني، غلام الحضرمي"٣.

ومن هؤلاء من زعم إنه كان قينًا لبني الحضرمي، وإنه كان قد جمع الكتب، وهو رومي، فكان رسول الله يأتي إليه ويجتمع به، فكان المشركون يقولون: إنه يتعلم من هذا الرومي! وذكر بعض الرواة أن "آل الحضرمي" كانوا يملكون عبدين، هما: جبر ويسار، فكانا يقرآن التوراة والكتب بلسانهما، فكان الرسول يمر عليهما فيقوم يستمع منهما. وقيل إنهما كانا من أهل "عين التمر"، وإنهما كانا يصنعان السيوف بمكة، وكانا يقرآن التوراة والإنجيل، فربما مر بهما النبي، وهما يقرآن فيقف ويستمع. وأما من قال أن اسمه "يعيش"، فذكر أنه كان مولى لحويطب بن عبد العزى. وأما من ذكر أن اسمه "بلعام"، فقال إنه كان قينا روميا بمكة وكان نصرانيًّا أعجمي اللسان، "فكان المشركون يرون رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حين يدخل عليه وحين يخرج من عنده، فقالوا إنما يعلمه بلعام"٤. ومهما اختلف المفسرون في اسم هذا الرجل فإنهم اتفقوا على أنه كان أعجمي الأصل، نصرانيًّا، يقرأ الكتب، وإنه كان بمكة نفر من الموالي كانوا على دين النصرانية يقرأون ويكتبون.

وإلى هذا الشخص أو هؤلاء الأشخاص، أعني: يعيش ويقال عائش أو عداس مولى حويطب بن عبد العزى ويسار مولى العلاء بن الحضرمي وجبر مولى عامر، أشير في القرآن الكريم، في الآية: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا


١ سورة النحل: الرقم ١٦، الآية ١٠٣.
٢ تفسير الطبري "١٤/ ١١٩"، "وكانوا يقولون: والله ما يعلم محمدًا كثيرًا مما يأتي به إلا جبر النصراني، غلام ابن الحضرمي" روح المعاني "١٤/ ٢١٢ وما بعدها"، ابن هشام "١/ ٤٢٠".
٣ تفسير الطبري "١٤/ ١٢٠"، روح المعاني "١٤/ ٢١٢"، ابن هشام "٢٦٠".
٤ تفسير الطبري "١٤/ ١١٩"، روح المعاني "١٤/ ٢٣٣"، تفسير الطبرسي "المجلد الثالث ٣٨٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>