للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من هذا القبيل في الجاهلية إلى النصرانية.

وقد كانت نجران المركز الرئيسي للنصرانية في اليمن عند ظهور الإسلام، لها نظام سياسي واداري خاص تخضع له، وعليها: "العاقب"، وهو كما يقول أهل السير: "أمير القوم، وذو رأيهم، وصاحب مشورتهم، والذي لا يصدرون إلا عن رأيه"، و"السيد"، وهو "ثمالهم، وصاحب رحلهم ومجتععم", و"الأسقف"، وهو "حبرهم، وإمامهم، وصاحب مدارسهم"١. ويقصدون به رئيس نجران الديني الذي إليه يرجعون في أمور الدين. أما العاقب والسيد، فإليهما إدارة الجماعة، والإشراف على شؤونهم السياسية والمالية، وتدبير ما يحتاج المجتمع إليه من بقية الشؤون٢.

وقد صالح أهل نجران خالد بن الوليد، في زمن النبي، في السنة العاشرة من الهجرة، وبذلك دخل أكثر سكان المدينة في الإسلام. أما من بقي على دينه من النصارى، فقد فرضت عليه الجزية٣.

ويذكر أهل السير أن اسم عاقب نجران في أيام النبي، هو "عبد المسيح" رجل من كندة. وقد قدم على رأس وفد من أهل نجران إلى يثرب، فقابل الرسول، وتحدث معه. وكان معه "الأيهم" وهو سيد نجران يومئذ، وأبو حارثة بن علقمة أحد بني بكر بن وائل، وكان أسقفهم وحبرهم وإمامهم يومئذ، وله مقام عظيم عندهم، "وقد شرف فيهم، ودرس كتبهم حتى حسن علمه بدينهم، فكانت ملوك الروم من أهل النصرانية قد شرفوه ومولوه، واخدموه، وبنوا له الكنائس، وبسطوا عليه الكرامات، لما يبلغهم عنه من علمه واجتهاده في دينه"٤.

وإذا صح ما رواه أهل الأخبار من أن يعاقب نجران كان كنديا، وأن أسقفها كان من "بكر بن وائل"، فإن ذلك يدل على أن الرئاسة عند النصارى العرب،


١ ابن هشام "٢/ ٢٠٤"، تاج العروس "١/ ٣٨٩"، "عقب"، "٦/ ١٤١"، "سقف"، اللسان "١١/ ٥٧"، "صاحب مدارسهم"، ابن سعد "١/ ٣٥٧"،
٢ RaccoIta III p ١٢٨
٣ الطبري "٣/ ١٥٧"، "حوادث السنة العاشرة"، البلدان "٨/ ٢٦١ وما بعدها".
٤ ابن هشام "٣/ ٢٠٤"، تاج العروس "١/ ٣٨٩"ن اللسان "٢/ ١٠٥"، ابن سعد "١/ ٣٥٨"، نهاية الأرب "١٨/ ١٢١".

<<  <  ج: ص:  >  >>