للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كانت نجران أهم موطن للنصرانية في اليمن، ولعلها الموطن الوحيد الذي رسخت هذه الديانة فيه في هذه البلاد. وقد اشتهرت نجران بالحادثة التي وقعت فيها، حادثة تعذيب النصارى، وبما ذكره أهل الأخبار عن الكنيسة التي أنشاها الأحباش فيها وعرفت بـ"كعبة نجران" عند الإخباريين كما عرفت بـ "بيعة نجران" أيضًا. وفي رواية تنسب إلى ابن الكلبي "أنها كانت قبة من أدم من ثلاث مئة جلد، كان إذا جاءها الخائف أمن، أو طالب حاجة قضيت، أو مسترفد أرفد. وكانت لعظمتها عندهم يسمونها كعبة نجران، وكانت على نهر نجران، وكانت لعبد المسيح بن دارس بن عدي بن معقل، وكان يستغل من ذلك النهر عشرة آلاف دينار، وكانت القبة تستغرقها"١. وكان يتفق عليها من غلة ذلك النهر.

وورد في رواية أخرى أنها كانت بناء بني على بناء الكعبة. وقد بناها بنو عبد المدان بن الديان الحارثي، بنوها على بناء الكعبة، وعظموها مضاهاة لها. وكان فيها أساقفة معتمون، وهم الذي جاءوا إلى النبي، ودعاهم إلى المباهلة٢.

وتذكترنا قصة "ابن الكلبي" عن أصل كعبة نجران، وأنها كانت من أدم، بما نعرفن عن خيمة "يهوه" إله العبرانيين، وتعبد الإسرائليين له فيها قبل بناء الهيكل، واعتقادهم أنها خيمة مقدسة، وبما نعرفه من خيم القبائل المقدسة، وذلك لأنها كانت بيوتا توضع فيها الأصنام ويتعبد أفراد القبيلة بها، فإذا ارتحلوا إلى مكان جديد نقلوا خيمتهم معهم. والظاهر أن كعبة نجران المذكورة، إن صحت رواية ابن الكلبي، كانت من هذا النوع، خيمة مقدسة في الأصل وذلك قبل دخول أهل نجران في النصرانية، فلما دخلوها، لم تذهب عنها قدسيتها، بل حولوها إلى كنيسة، ثم بنوا بيعة في موضعها فيما بعدز

وفي رواية أن قس بن ساعدة الأيادي كان أسقفا على نجران٣، وهي رواية تحتاج إلى سند موثوق به، وقد أخذ بها "شيخو" وأمثاله ممن يرجع كل شيء


١ البلدان "٨/ ١٩٣"، تاج العروس "١/ ٤٥٧"، "٣/ ٥٥٦"، ديوان الأعشى "١٢٢"،"طبعة كاير" Geyer، ابن قتيبة، الشعر والشعراء "٢٨٣".RaccoIta III p ١٢٧
٢ البلدان "٨/ ٦٢٣" "نجران" تاج العروس "٣/ ٥٥٦".
٣ RaccoIta III p ١٢٨ Lammens CaIifat p ٣٣٢

<<  <  ج: ص:  >  >>