للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"ازقير" Azker، أقام كنيسة ورفع الصليب وبشر بالنصرانية في نجران، وذلك في أيام الملك "شرحبيل ينكف" ملك حمير، فاستاء من ذلك "ذو ثعلبان" و"ذو قيفان"، وأرسلا رجالهما إلى المدينة لهدم الكنيسة وانزال الصليب والقبض على القديس، ففعلوا وألقوا به في غياهب السجن. وفي أثناء إقامته فيه هدى قوما من السجناء إلى النصرانية بفعل المعجزات التي قام بها، فغضب الملك "شرحبيل" عليه، وأرسل إلى القيلين اللذين كانا في نجران أن يرسلا إليه هذا الرجل الذي فتن الناس، فأرسل مخفورا إليه. وفي أثناء اجتيازه الطريق إلى عاصمة الملك ظهرت منه معجزات خارقة، آمن بها عدد ممن رافقوه أو وقفوا على أحواله وتعمدوا على يديه. فلما وصل إلى "ظفار" عاصمة "شرحبيل"، انتهره الملك وحاجه في دينه وعرض عليه كتب "يهود"، ثم أغراه بالذهب والمال، فقال له القديس: "الذهب والفضة فانيان، أما كرستس ساكن السماء فباق". وقد حرضه عليه أحد الأحبار، فأمر الملك عندئذ بإرساله إلى نجران لقتله. فلما بلغ المدينة، قتله اليهود، قمات شهيدا في سبيل دينه١.

وتزعم الرواية الحبشية أن نصارى اليمن كانوا يرسلون بهداياهم إلى النجاشي وبالضرائب يدفعونها إليه٢.

وذكر أن أحد الأساقفة ممن كان في اليمن، كان قد اشترك في أعمال مجمع "نيقية" الذي انعقد سنة ٣٢٥ للميلاد٣. وإذا صح هذا الخبر، فإنه يعني أن النصرانية كانت قد وجدت لها سبيلا إلى اليمن في القرن الرابع للميلاد.

يتبين من هذه الأخبار أن النصرانية لم تدخل العربية الجنوبية من طريق واحد، وإنما دخلتها من البر ومن البحر، دخلتها من البر من ديار الشام إلى الحجاز فاليمن، ومن العراق أيضًا مع القوافل التجارية المستمرة التي كانت بين اليمن والعراق. ودخلتها من البحر بواسطة السفن اليونانية ودخلتها مع الحبشة كذلك الذين كانوا على اتصال دائم باليمن وببقية العربية الجنوبية منذ أيام ما قبل الميلاد.


١ Winckler, AOF, IV, ١٨٩٦, S. ٣٢٩. ff, Britisch Museom Orient, ٦٨٦, ٦٨٧, ٦٨٨, ٦٨٩.
٢ FeII in ZDMG ٣٥ ١٨٨١ S ٥٠
٣ النصرانية "١/ ٥٧".
NaIIino RaccoIta III p ١٢٢ Caetani AnnaII I p ١٢٥

<<  <  ج: ص:  >  >>