للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه أخذ مذهبه هذا في القدر من العباديين نصارى الحيرة، كان يأتيهم يشتري منهم الخمر، فلقنوه ذلك. وقد استشهدوا على قوله هذا في القدر بهذا البيت:

استأثر الله بالوفاء وبالعد ... ل وولى الملامة الرجلا١

وقد راجعت شعر "الأعشى"، فلم أتمكن من استنباط شيء منه يدلني على مقدار علمه بالنصرانية وعلى مدى تعمقه أو تعمق غيره من النصارى بدينهم. فما ذكره مما له علاقة بالنصرانية، هو شيء عام، يأتي بخاطر كل شاعر ذكي جواب في الآفاق، له احتكاك واتصال بالنصارى أو بغيرهم، وهو لا يصلح أن يكون دليلا على عقيدة ودين وفهم لذلك الدين.

وفي شعر "الجعدي" كلام عن سفينة نوح، ذكر أنه قال:

يرفع، بالقار والحديد من الـ ... ـيجوز، طوالا جذوعها، عما٢

والنابغة الجعدي، مخضرم، يقال إنه كان مثل الحنفاء، أنكر الخمر والميسر، وهجر الأزالام والأوثان، وكان ممن فكر في الجاهلية، وأنكر الجمر والسكر، وهجر الأزلام واجتنب الأوثان، وذكر إبراهيم. وقد لقي الرسول، وأسلم وأنشده من شعره. وذكر أنه هو القائل القصيدة التي فيها:

الحمد لله ربي لا شريك له ... من لم يقلها فنفسه ظلما

على نحو شعر أمية بن أبي الصلت، وقد قيل إنها لأمية، لكن صححها حماد الراوية٣.

ونجد في شعر آخرين من غير من ذكرت ألفاظا وكلمات كانت معروفة عند النصارى وإشارا إلى عباداتهم وعاداتهم، وردت في شعر "النابغة الذبياني" ولبيد، وامرئ القيس، وأوس بن حجر وآخرين غيرهم ممن طافوا في الأرضين وارتحلوا فوقفوا على بعض أحوال النصارى فأشاروا إليها في شعرهم.


١ الأغاني "٨/ ٧٩"، نالينو "١٧".
٢ اللسان "١٢/ ٤٢٥"، "عمم".
٣ الإصابة "٣/ ٥٠٨" "رقم ٨٦٤١"، أمالي المرتضي "١/ ٢٦٣ وما بعدها"، المرزباني "٣٢١".

<<  <  ج: ص:  >  >>