للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونجد في شعر "الأفوه الأودي"، وهو صلاءة بن عمرو، تسجيلا لأبناء نوح. سجلهم مع سجل أسماءهم من ملوك التابعة ممن دانت لهم الأنام، فنجده يقول:

ولما يعصها سام وحام ... ويافث حيثما حلت ولام١

ولا أدري إذا كان هذا البيت من نظم شاعر جاهلي، وهو الأودي، أو من نظم شخص آخر نظمه على لسانه في الإسلام. ولكني لا أستبعد بالطبع أن يكون خبر أولاد نوح الثلاثة. وهم: سام ويافث وحام، قد عرف عند العرب النصارى وعند من كان على احتكاك واتصال بهم.

ونجد في بيت شعر ينسب لأفنون التغلبي ذكرا لولد آدم٢. وورود آدم في هذا البيت، إن صح إنه من شعر ذلك الشاعر الجاهلي، دليل على وقوف هذا الشاعر على قصة آدم وانحدار البشر من نسله. ولا يستبعد أن يكون أذن قد وقف عليها باختلاطه ببني قومه تغلب، وقد كان قسم كبير منهم قد دخلوا في النصرانية. ولا يستبعد أيضًا أن يكون بعض الوثنيين قد وقفوا أيضًا على قصة الخلق كما وردت في الديانتين من اختلاطهم بأهل الكتاب واتصال بهم.

وقد وردت، في بيت آخر من قصيدة يقال إنه قالها في رثاء نفسه، لفظة "الله" في شكل يفهم منه إنه كان يدين بالتوحيد، وأن الآجال كلها بيد الله٣، وأشار في بيت آخر إلى عاد وإرم ولقمان وجدن٤.

وأشير في أشعار بعض الجاهليين إلى تعبد النصارى وصلواتهم سجدا وقياما، وهؤلاء الذين أشير إليهم من الرهبان والناسكين الذين كانوا قد اعتكفوا في الصوامع وفي


١ النصرانية "٢٦٦"، عن الأفوه الأودي راجع الأغاني "١١/ ٤١ وما بعدها"، ابن قتيبة، الشعر "١٠"، ديوان الأفوه، "القاهرة ١٩٣٧"، "تحقيق عبد العزيز الميمني".
٢
قد كنت أسبق من جاروا على مهل ... من ولد آدم ما لم يخلعوا رسني
المفضليات "٥٢٤"، النصرانية "٢٦١"، شعراء النصرانية "١٩٣".
٣
لعمرك ما يدري امرؤ كيف يتقي ... إذا هو لم يجعل له الله واقيا
شعراء النصرانية "١٩٣".
٤
لو أنني كنت من عاد ومن إرم ... ربيت فيهم ومن لقمان أو جدن
شعراء النصرانية "١٩٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>