للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أكان "معد" "بروكوبيوس" هم كل معد أم جماعة منها.

وإذا كان الشعر المنسوب إلى "ابن بقيلة" وهو من نقباء الحيرة وساداتها صحيحًا، تكون كلمة "معد" معروفة في ذلك العهد، على نحو يفهم منه أنها كانت تعني قبائل عديدة أعرابية تنضوي كلها تحت هذه التسمية. فقد جاء في شعره ألم وتوجع لما حل بأهل الحيرة بعد الفتح، فقد رأى "سوام" تروح بالخورنق والسدير بعدما كانا مكانين مختارين للمنذرين، وبعد فرسان النعمان، يرى الناس قلوصًا بين "مرة والحفير"، وصاروا بعد هلاك "أبي قبيس" كجُرب المعز في اليوم المطير، وقد تقاسمتهم القبائل من معد، علانية كأيسار الجزور، بعد أن كانوا أناسًا لا يرام لهم حريم، وصاروا كضرة الضرع الفخور، يؤدون الخراج بعد خراج كسرى، وخراج من قريظة والنضير، ثم خلص إلى نتيجة يخلص إليها من ييأس ويقنع، فقال:

كذاك الدهر دولتُه سجالٌ ... فيوم من مساءة أو سرور١

وقد ذكر "الطبري" أن خالدًا لما أمره "أبو بكر" بفتح العراق، وقصد الأُبلّة، حشر ثمانية آلاف من ربيعة ومضر إلى ألفين كانا معه٢، وربما قصد "ابن بقيلة" من "معد" هذه القبائل التي انضافت إلى خالد, ولكن القبائل التي انضافت إلى خالد في العراق أو التي حاربته هي من مضر وربيعة في الغالب، وبين سكان الحيرة قوم يرجعون أنسابهم إلى تميم وإلى قبائل معدية، فكيف يتأفف "ابن بقيلة" من إدبار الدنيا ومن إعراضها عنه وعن أمثاله حتى صاروا في حكم "معد"، وقد اقتسمتهم قبائل معد؟ , فالظاهر أنه كان يتأفف؛ لأن الأمر أدبر منه ومن سادة أهل الحيرة والقرى، وهم حضر مستقرون، لهم نعيم وملك وقصور وبيوت وعيش رغيد, ولكن الدنيا أدبرت عنهم، وسلمت الأمر إلى قبائل من معد، وهم أعراب، وصار أمرهم إليهم، فتأفف من ذلك الزمان.

وقد عرف "حذيفة بن بدر" سيد غَطَفان بـ"رب معد"٣، وكان من


١ الطبري "٣/ ٣٦٢".
٢ الطبري "٣/ ٣٤٧".
٣ المعارف "ص٣٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>