للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وللأسماء أهمية كبيرة في تعيين مبلغ أثر اليهودية والنصرانية في الجاهليين. وإذا كانت أسماء الوثنيين قد ساعدت "ولهوزن" في الكشف عن أسماء أصنام وأوثان لم ترد في كتاب الأصنام لابن الكلبي ولا في كتب الإخباريين الأخرى، وساعدت في الكشف عن مدى تغلغل الوثنية في نفوس أهل الجاهلية، فإن للأسماء اليهودية أو الأسماء النصرانية التي تسمى بها أهل الجاهلية والتي وصل خبرها إلينا أهمية كبيرة في الافصاح عن مدى تأثر الجاهليين بالديانتين. وليس من اللازم أن تكون هذه الأسماء أسماء أناس كانوا على دين يهود، أو على دين النصرانية، فالأسماء وإن كان لها ارتباط في الغالب بأديان حامليها غير أنها لا تكون دائمًا دليلا على دين أصحابها، فللبيئة ولبعض العادات والاعتقادات دخل في اختيار الأسماء. وعلى ذلك فإن ما سنذكره من أسماء لا نذكرها على أن أصحابها كانوا يهودا أو نصارى حتما، وإنما نذكرها على سبيل الإشارة إلى أن بعض الجاهليين كانوا يحملون أسماء هي في الغالب من أسماء اليهود والنصارى.

وفي طليعة هذه الأسماء التي يجب أن نذكرها، الأسماء الواردة في التوراة والإنجيل، فهي أسماء عبرانية ونصرانية معروفة، وبها تسمى. كثير من اليهود والنصارى. ودخولها بين الجاهليين العرب دليل على وجود بعض تلك المسميات بينهم، وتسمى أهل الجاهلية بتلك الأسماء.

ومن جملة تلك الأسماء: آدم وقد دعي به آدم بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب. قتل في الجاهلية، وهو الذي وضع النبي دمه يوم فتح مكة. وقد جاء "ابن دريد" بتفسير لهذه التسمية فذكر أنها من الأدمة أو بمعنى الطويل القامة ذي العنق الناصع، ولم يشر إلى وجود علاقة لها باسم آدم أبي البشر١. غير أني لا أستبعد احتمال أخذها من التسميات التي كانت بين اليهود أو النصارى عند الجاهليين. غير أننا لا نعرف من أمثال هذه التسميات غير عدد قليل محدود بحيث لا يمكن أن نتخذها قاعدة لبناء حكم عليها في ورود هذه التسمية عند الجاهليين.

وأكثر من هذه التسمية شيوعا اسم "إبراهيم"، ومن جملة من تسمى بها: إبراهيم جد عدي بن زيد بن حمان بن زيد بن أيوب من بني امرئ القيس بن زيد مناة بن تميم. فولد أيوب إبراهيم وسلم وثعلبة وزيد. منهم عدي بن زيد


١ الاشتقاق "٤٤"،النصرانية "٢٢٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>