للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعود إليهم؛ وعلى آثار لمعابدهم في العربية الشرقية. وكان على "هجر"، حين أبلغ الرسول دعوته إليها، رجل من الفرس اسمه "سيبخت مرزبان"، وقد أسلم واسلم معه قوم من قومه، ودفع الجزية من فضل البقاء منهم على دينه، شأنهم في ذلك شأن أهل الكتاب١. وذكر أن الرسول كتب إلى "مجوس هجر يعرض عليهم الإسلام، فإن أبوا أخذت منهم الجزية، وبأن لا تنكح نساؤهم ولا تؤكل ذبائحهم"٢.

وكان باليمامة قوم من المجوس، عاشوا في قراها ومواضعها، اشتغلوا بالزراعة وبالتعدين. وأرض اليمامة أرض غنية، وهي "ريف" أهل مكة، وعليها اعتمادهم في الحصول على الحبوب. كما عرفت بوجود المعادن بها، فسهل أهلها دخول المجوس إليها، للاستفادة منهم في استغلال الأرض وفي التعدين.

هذا ولم نسمع بدخول أحد من ملوك الحيرة، أو الأمراء الذين عينهم الفرس على العرب في المجوسية مع علاقتهم بالفرس واتصالهم الوثيق بهم، ووجود الفرس في أرضهم وفي عاصمتهم، بينما نجد بعضًا منهم وقد دخل في النصرانية. ولعل ذلك بسبب عدم ميل الفرس إلى إدخال أحد من الغرباء عنهم في دينهم وإلى عدهم المجوسية ديانة قومية خاصة بهم، فلا يهمهم دخول أحد من غيرهم فيها.

هذا ولا أجد صلة بين "الأسبذية" التي زعم أنها ديانة قوم كانوا يعبدون الخيل بالبحرين، عرفوا بـ "الأسبذيين"، وبين "بني دارم"، وكونهم كانوا على هذا الدين. فقد كان أحدهم وهو "المنذر بن ساوى" أسبذيا، ولم يكونوا كلهم. قيل إنه نسب إلى قرية بهجر يقال لها "الأسبذ"، وقيل إلى الأسبذيين٣. ولا صلة لهذه الأسبذية بالمجوسية، أو إلى ديانة دخلت من فارس إلى البحرين. وقد تحدثت في مكان آخر عن وجود قوم من العرب قدسوا "الحصان". ورأي أن المراد من "الأسبذية" الفرسان. وأن "المنذر بن ساوى" كان "أسبذا" أي بدرجة فارس، وهي من درجة الشرف والرفعة في الجيش الساساني.


١ البلاذري "٨٥ وما بعدها"، البلدان "٢/ ٧٣ وما بعدها".
٢ ابن سعد، طبقات "١/ ٢٦٣"، "صادر".
٣ فتوح البلدان "٩٨"، "٨٩" "طبعة المكتبة التجارية"، محاضرات للدكتور صالح أحمد العلي "١٧١".

<<  <  ج: ص:  >  >>