للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنوى الوجه الذي نوته وقصدته، والشطون البعيد. فكأن الشيطان على هذا التأويل شطن. ومما يدل على ذلك كذلك، قول أمية بن أبي الصلت:

أيما شاطن عصاه عكاه ... ثم يلقى في السجن والأكبال

ولم ترد لفظة "الشيطان" في شعر الشعراء الجاهليين، خلا شعر "أمية بن أبي الصلت" و"عدي بن زيد العبادي". والأول شاعر وقف، على ما يظهر من شعره، على شيء من اليهودية والنصرانية. وأما الثاني، فهو نصراني، لذلك يجوز لنا أن نرجع علمهما بالشيطان إلى ما جاء في اليهودية والنصرانية عنه، ولذلك نستطيع أن نقول أن هذ اللفظة جاءت العرب عن طريق أهل الكتاب.

وذكر علماء اللغة، أن "الأزب" اسم من أسماء الشياطين، وذكروا أن "الأزب" شيطان اسمه أزب العقبة، وقيل هو حية١. وأن من أسماء الشيطان: "الحباب". يقع على الحية أيضًا، لأن الحية يقال لها شيطان، وفي حديث: "الحباب شيطان"٢. وذكروا أن من أسماء الشيطان "الطاغوت"٣.

ومن الشياطين، شيطان اسمه "زوبعة"، وقيل وقيل هو رئيس للجن. ومنه سمي الإعصار زوبعة، ويقال أم زوبعة وأبو زوبعة، وهو الذي يثير الإعصار، حين يدور على نفسه، ثم يرتفع في السماء ساطعا كأنه عمود٤.

وأما ما ورد في القصص عن الشياطين عند الجاهليين، فهو يختلف عما جاء عن الشيطان في الكتب اليهودية والنصرانية، مما يدل على أن منبعه منبع آخر، وأن "ألشيطان" عند الجاهليين، هو غير الشيطان المعروف عند اليهود والنصارى الذي دخل إلى العرب قبيل الإسلام وفي الإسلام.

ومن القصص المذكورة، استمد بعض الجاهليين قصصهم عن ذكاء الشيطان وعن حيله. ومن حيله. ومن هذا القصص ولا شك استعمل الناس مصطلح "تشيطن" و"الشيطنة" بمعنى الذكاء والحيلة، لما رسخ في ذهنهم من ذلك القصص عن ذكاء الشيطان وسعة حيله وتلاعبه بأذكى البشر. وهو في التوراة ذو طبع شرير،


١ تاج العروس "١/ ١٤٧". "أزب" "١/ ٢٨٤"، "زبب".
٢ اللسان "١/ ٢٩٥"، "حبب".
٣ تفسير الطبري "١٤/ ٧١"، "٢٣/ ١٣١ وما بعدها".
٤ تاج العروس "٥/ ٣٦٧"، "تزبع".

<<  <  ج: ص:  >  >>