للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"عمل يقرب فيه إلى الشيطان"١. وقد فسر بعض العلماء كلمة "الجبت" في القرآن الكريم بمعنى السحر، كما ذكر أنها تعني الساحر والكاهن والصنم وكل ما عبد من دون الله. وفسر "الطاغوت" بمعنى الشيطان٢.

وقد وردت كلمة "السحر" و"سحر" و"الساحر" و"الساحرون" و"السحرة" و"مسحورا" و"مسحورون" في مواضع عديدة من القرآن الكريم، ويدل ورودها فيه بهذه الكثرة على مبلغ أثر السحر في عقلية الجاهليين وقد اتهم أهل مكة الرسول أنه ساحر، حينما أخبرهم بنزول الوحي عليه. وقالوا إنه يستمد وحيه من الشياطين.

وقد جمع البخاري بين الكهانة والسحر بأن قدم الكهانة على السحر، لأن مرجع الاثنين شيء واحد هو الشياطين٣.

وقد حملت تلك المواضع من القرآن الكريم المفسرين على جمع ما علق بأذهان الناس عن السحر. أما كتب الحديث ففيها مادة مفيدة وردت ضمنا عن عقيدة أهل الجاهلية به. كما وردت في أخبار أهل الأخبار إشارات إليه، تجمل جميعها أن الاعتقاد بالسحر بين الجاهليين كان شائعا معروفا، وأن ممارسيه في جزيرة العرب كانوا عربا ويهودا، إنهم كانوا يرون أن أصوله في بابل وعند يهود.

وقد كان أكثر السحرة في الجاهلية من يهود٤. يقصدهم الجاهليون من أنحاء بعيدة، لاعتقادهم بسعة علمهم وباختصاصهم فيه. وكان اليهود يسندون علمهم إلى بابل، ولهذا نجد الأحاديث والأخبار العربية ترجع علم السحر إلى بابل واليهود.

والفرق بين الكهانة والسحر أن الكهانة تنبؤ، فسند الكاهن هو كلامه الذي يذكره للناس. أما السحر، فإنه عمل في الأكثر، للتأثير في الأرواح، كي تقوم بأداء ما يطلب منها. ولا يمكن صنع سحر ما لم يقترن بعمل. ويصحب هذا


١ تاج العروس "٣/ ٢٥٨"، "سحر"، اللسان "٤/ ٣٤٨"،"سحر".
٢ النساء، الآية ٥٠، "وسمي الساحر والكاهن جبتا"، المفردات "٨٣"، تاج العروس "١/ ٥٣٥"، شمس العلوم "جـ١، ق٢، ص٢٤٤".
٣ عمدة القاري "٢١/ ٤٢١، ٤٤٥"، الطبرسي، "١-٢"، "٣٨٤".
٤ عمدة القاري "٢١/ ٢١٣"، الطبري "٢/ ٤٣٩"، العقد الفريد "٦/ ٢٧٦"، تفسير الرازي "١٧-١٨ "ص٩"، سنن ابن ماجة "٢/ ١١٧٣"، روح المعاني "٣٠/ ٢٨٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>