للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العمل كلام مفهوم أو غير مفهوم، وإشارات، يدعي الساحر إنه إنما يقوم به وبالإشارات لتسخير الأرواح، وأن ما يفعله مفهوم عند جنوده، وهم الجن والشياطين.

وفن مثل هذا مغر جدا، فمن الناس من لا يريد تسخير القوى الخفية لخيره ولصالحه، وإلحاق الأذى بأعدائه ومبغضيه. ولذلك كان للسحر وللسحرة أثر خطير في التأريخ، بالرغم من مقاومة بعض الأديان له. فما يقوم به السحرة من أعمال وخفة، وما لشخصيات بعض السحرة من تأثير نفسي كبير، تجعل من الصعب على بعض الناس أن تكون للساحر مكانة كبيرة في نفس ذلك الشخص.

وللسحر أغراض عديدة، وقد استخدم في معالجة أمور كثيرة، حتى إدارة الملك والقضاء على الأعداء، للسحر وللسحرة فيها صولات وجولات. ومن الطبيعي أن يكون للحب المكانة البارزة فيه، حتى ليكاد يتخصص بهذا الجانب من حياة الإنسان. ولما كانت العادة أن يتزوج الرجل من جملة نساء صار السحر من أهم الوسائل التي استعانت بها الزوجات للتأثير في قلب الرجل، ولكسب المكانة الأولى عنده، وللتفريق بين الرجل وبين بقية أزواجه. ومصداق ذلك ما ورد في القرآن الكريم عن السحر في هذه الآية: {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} ١. فالتفريق بين المرء وزوجه، كان ولا يزال من أهم أعمال السحرة. ونجد في الحديث تقريعا ولوما للسحرة لاستخدامهم السحر في هذا الغرض الفاسد.

والساحر في معالجة الحب على طريقين: إشعال جذوة نار الحب في قلب من يقصد إثارته عنده، أو إطفاء نارها وإخمادها وإماتتها في قلب المسحور. ولكل من الطريقين قواعد وأحكام وأصول يجب تطبيقها بعناية، وإلا بطل فعل السحر.

أما إشعال نيران الحب، فيكون بطرق متعددة يتبعها الساحر، فقد يستعين بالنباتات والأعشاب، يستخرج أدوية منها يقدمها إلى المرأة لتوجر الرجل إياها سرا. وقد يستعين بالجمر يقرأ عليه، ثم يرمي في الممرات التي يمر الرجل،


١ البقرة: الآية ١٠٢، عمدة القاري "٢٠/ ٢٧٨ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>