للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك الشياطين التي كانت الكفار تطيعها في معصية الله، وكذلك الساحر والكاهن اللذان كانا مقبولا منهما ما قالا في أهل الشرك بالله، وكذلك حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف لأنهما كانا مطاعين في أهل ملتهما من اليهود في معصية الله والكفر به وبرسوله، فكانا جبتين وطاغوتين١.

وذكر علماء التفسير في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيدا} ٢، أي "الطاغوت" الكاهن الذي كان يحكم بين الناس، ويتحاكمون إليه. وأنها نزلت في حق يهودي اختصم مع مسلم، فكان المسلم أو المنافق يريد الاحتكام إلى الكاهن، وكان اليهودي يدعو إلى النبي أو المسلمين، لأنهم لا يقبلون الرشوة، فاصطلحا أن يتحاكما إلى كاهن من جهينة، أو إلى كاهن بالمدينة، أو إلى كعب بن الأشرف، فنزل الوحي بتوبيخ ذلك المسلم أو المنافق٣.

والتكهن عن المستقبل والتحدث عن الماضي، موضوع له فروع عديدة. وقد عد علما من العلوم عند كثير من الأمم، وألفوا فيه. وتبؤ الأصنام هو نوع من هذا الأنواع. ويدخل في التكهن التنبؤ بواسطة وسيط: مكالمة صنم، أو "تابع أي "رئي"، وقراءة كبد الشاة وقراءة أعضائها كما كان عند البابليين وعند المصريين. والتكهن بحركات الطيور، وتفسير الأحلام. وتفسير بعض الظواهر الطبيعية وما شابه ذلك ذلك وكل هذه كانت معروفة عند الجاهليين.

وليس من الضروري أن يكون التكهن بتكليم الصنم حتما وفي المعبد بالضرورة، فقد كان من الكهان من يقيم في بيته ويتكهن مع ذلك للناس، ينطق بما يوحى إليه وبما يشعر به. وقاصدوه يرون أن فيه قوة خارقة وقابلية لتلقي الوحي من تلك القوة التي يتصورونها على هيأة شخص غير منظرو يلقي إلى الكاهن الوحي، فينطلق بما يناسب المقام وبما يكون جوابا على الأسئلة التي توجه إليه. ويطلقون على ذلك الشخص الخفي اسم "تابع" أو "صاحب" أو "مولى" و"ولي" و"رئي"، لأنه يكون تابعا وصاحبا للكاهن، يتبعه ويصاحبه ويلقي إليه


١ تفسير الطبري "٥/ ٨٣ وما بعدها".
٢ سورة النساء، الآية ٦٠.
٣ تفسير الطبري "٥/ ٩٦ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>