للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"الرئي". يكشف له الحجب ويأتيه بالأسرار. فهو "حاز" و"حزاء" و"حازية" و"الراتي" في العهد القديم١.

وكان من رأي الجاهليين أن هناك وحيا يوحى إلى الكاهن بما يقوله، وقد قالوا لذلك المصدر الذي يوحي إليه: "شيطان الشاعر"، ذلك لأن شيطان الكاهن يسترق السمع ويلقي به إلى الكهنة٢. يسترقه من السماء، فيأتي به إلى الكاهن ويلقي ما استرقه إليه، فيلقي الكاهن ما ألقي عليه شيطانه إلى الناس، وبذلك يتنبأ لهم٣. "سأل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ناس عن الكهان، فقال: "ليسوا بشيء فقالوا: يا رسول الله، إنهم يحدثونا أحيانًا بشيء، فيكون حقًّا، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "تلك الكلمة من الحق، يخطفها من الجني فيقرها في أذن وليه، فيخلطون معها مائة كذبة" ٤.

وقد وردت كلمة" كاهن" في القرآن الكريم في معرض الرد على قريش الذين اتهموا الرسول بأنه "كاهن". وبأنه يقول القرآن على نمط سجع الكهان. فجاء فيه: {فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ} ٥، و {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ، وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ، وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} ٦. فرد عليهم بقوله: "ما هذا القرآن بقول شاعر؛ لأن محمدًا لا يحسن قيل الشعر، فتقولوا هو شعر، قليلا ما تؤمنون. يقول تصدقون قليلا به أنتم، وذلك خطاب من الله لمشركي قريش. ولا بقول كاهن، قليلا ما تذكرو. يقول ولا هو بقول كاهن، لأن محمدا ليس بكاهن، فقولوا هو


١ Reste, S. ١٣٤, Shorter Ency. P. ٢٠٧
٢ تاج العروس "٩/ ٣٢٦ وما بعدها" اللسان "١٧/ ٢٤٤"، الطبرسي "٥/ ٣٤٩، ٣٦٧"، بلوغ الأرب "٢/ ٢٦٩"، مروج الذهب "٢/ ١٧٢ وما بعدها"، مفتاح السعادة، لطاش كبري زاده "١/ ١١٣ وما بعدها"، إرشاد الساري "٨/ ٣٩٨"، مقدمة ابن خلدون "١/ ١٠١ وما بعدها".
٣ صبح الأعشى "١/ ٣٩٨".
٤ إرشاد الساري "٨/ ٤٠٠"، صحيح مسلم "٧/ ٣٥ وما بعدها"، عمدة القاري "٢١/ ٢٧٥"، اللسان "١٧/ ٢٤٤"، الروض الأنف "١/ ١٣٦"، نهاية الأرب "٣/ ١٢٨"، "في أخبار الكهان".
٥ سورة الطور، الآية ٢٩، تفسير الطبري "٢٧/ ١٨".
٦ الحاقة، الآية ٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>