للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإنسان في هذه الحالات. كما ذكر أمورا أخرى تخص التطير أو التفاؤل من أصوات الحيوانات أو من رؤيتها١.

وكان "أمية بن أبي الصلت" ممن يتطير من الغراب، ويذكر أهل الأخبار أنه بينا كان يشرب مع إخوان له في قصر "عيلان" بالطائف، إذ سقط غراب على شرفة القصر، فنعب نعبة، فقال أمية: "بفيك الكثكث"، أي التراب وتشاءم منه، وقد مات فعلا في مكانه بعد نعيبه للمرة الثالثة٢.

وفي شعر أمية قوله:

بآية قام ينطق كل شيء ... وخان أمانة الديك الغراب

وذلك أن من أحاديث العرب، أن الديك كان نديما للغراب، وأنهما شربا الخمر عند خمار ولم يعطياه شيئًا، وذهب الغراب ليأتيه بالثمن حين شرب، ورهن الديك، فخاس به، فبقي محبوسا، وأن نوحا حين بقي في اللجة أياما بعث الغراب، فوقع على جيفة ولم يرجع، ثم بعث الحمامة لتنظر هل ترى في الأرض موضعا يكون للسفينة مرفأ، واستجعلت على نوح الطوق الذي في عنقها، فرشاها بذلك. وفي جميع ذلك وغيره قال "أمية" ذلك البيت وأبياتا أخرى، تطرق فيها إلى قصص إسرائيلي آخر، أخذ علمه به من أهل الكتاب. "فقد كان داهية من دواهي ثقيف، وثقيف من دهاة العرب، وقد بلغ من اقتداره في نفسه أنه قد كان هم بادعاء النبوة، وهو يعلم كيف الخصال التي يكون الرجل بها نبيا أو متنبيا إذا اجتمعت له، نعم وحتى ترشح لذلك بطلب الروايات، ودرس الكتب، وقد بان عند العرب علامة، ومعروفا بالجولان في البلاد، روابة"٣.

ومن رأي العرب أن الغراب لا يشيب، وضربوا به المثل في ذلك، فقالوا: "حتى يشيب الغراب ويبيض القار"، ضربوا به مثلا في الاستمرار على العمل


١ نهاية الأرب "٣/ ١٣٤ وما بعدها".
٢ نهاية الأرب "٣/ ١٣٩"، حياة الحيوان "٢/ ١٧٣"، الحيوان "٣/ ١٣١".
٣ الحيوان "٢/ ٣٢٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>