للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن وسائل إبعاد الجن عن الناس، وإبعاد عيونهم عنهم، تعليق كعب الأرنب. يقولون إن من فعل ذلك لم تصبه عين ولا سحر، وذلك لأن الجن تهرب من الأرنب، لأنها ليست من مطايا الجن، لأنها تحيض. وذكر أيضًا أن من علق على نفسه كعب أرنب، لم يقربه "عمار الحي" "جنان الحي" و"جنان الدار"، و"عمار الدار" ولا "شيطان الحماطة" وجان العشرة "جار العشيرة" وغول العقر "غول القفر"، كل الخوافي وأن الله يطفئ نار السعالي١. و"الحماطة" شجرة شبيهة بالتين تأوي إليها الحيات٢.

وكانوا إذا خافوا على الرجل الجنون وتعرض الأرواح الخبيثة له، نجسوه بتعليق الأقذار عليه، كخرقة الحيض وعظام الموتى. وذكروا أن أنفع من ذلك أن تعلق طامث عظام موتى ثم لا يراها يومه ذلك. ويشفي التنجيس من كل شيء. إلا من العشق٣.

ومن مذاهبهم قولهم في الدعاء: "لا عشت إلى عيش القراد". يضربونه مثلا في الشدة والصبر على المشقة يزعمون أن القراد يعيش ببطنه عامًا وبظهره عامًا٤.

وكانوا يتبركون بأشياء منها المدمى من السهام، الذي ترمى به عدوك ثم يرميك به. وكان الرجل إذا رمى العدو بسهم فأصاب، ثم رماه به العدو وعليه دم، جعله في كنانته تبركًا به. ذكر أن "سعدًا" قال: "رميت يوم أحد رجلا بسهم فقتله، ثم رميت بذلك السهم أعرفه، حتى فعلت ذلك وفعلوه ثلاث مرات، فقلت: هذا سهم مبارك مدمى فجعلته في كنانتي، فكان عنده حتى مات"٥.

كان أحدهم يلقي الرجل يخافه في الشهر الحرام، فيقول: حجرًا محجورًا، أي حرام محرم عليك هذا الشهر، فلا يبدؤه بشر٦. وكانوا يقولون ذلك إذا نزلوا مكانا وخافوا فيه من الجن.

وكان من عاداتهم أنهم كانوا إذا أرادوا أن تورد البقر الماء، فعافته قدموا ثورا، فضربوه، فورد، فإذا فعلوا ذلك، وردت البقر. وفي ذلك قال الأعشى:


١ نهاية الأرب "٣/ ١٢٣ وما بعدها".
٢
عنجرد تحلف حين أحلف ... كمثل شيطان الحماط أعرف
بلوغ الأرب "٢/ ٣٢٤"، اللسان "٩/ ١٤٦".
٣ بلوغ الأرب "٢/ ٣١٩".
٤ بلوغ الأرب "٢/ ٣٣٩".
٥ اللسان "١٤/ ٢٧٠"، "دمى".
٦ تاج العروس "٣/ ١٢٣"، "حجر".

<<  <  ج: ص:  >  >>