للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما ذنبه إن عافت الماء باقر ... وما أن تعاف الماء إلا لتضربا١

ويقولون إن الجن تصد البقر عن الماء، وأن الشيطان يركب قرني الثور٢.

ويظهر أن هذا الاعتقاد من الاعتقادات التي كانت شائعة بين الجاهليين، بدليل وروده في أشعار عدد من الشعراء. وكانوا يزعمون أن الجن هي التي تصد الثيران عن الماء حتى تمسك البقر عن الماء حتى تهلك٣.

ومن عاداتهم أيضًا أنهم كانوا إذا وقع العر في إبلهم، اعترضوا بعيرا صحيحا لم يقع ذلك فيه، فكووا مشفره وعضده وفخذه. يرون أنهم إذا فعلوا ذلك ذهب العرب عن إبلهم٤.

وذكر أن العر قروح مثل القوباء، تخرج بالإبل متفرقة في مشافرها وقوائمها يسيل منها مثل الماء الأصفر، فتكوى الصحاح لئلا تعديها المراض. تقول منه: عرت الإبل، فهي معرورة. قال النابغة الذبياني:

فحملتني ذنب امرئ وتركته ... كذي العر يكون غيره وهو راتع٥

وفي المعنى المذكور قول الشاعر:

فألزمتني ذنبا وغيري جره ... حنانيك لا تك الصحيح بأجربا

وقول آخر:

كمن يكوي الصحيح يروم برءا ... به من كل جرباء الإهاب٦

وذكر أن الفصيل كان إذا أصابه العر، عمدوا إلى أمه فكووها، فيبرأ فصيلها٧.


١ كتاب المعاني الكبير "٢/ ٩٢٨ وما بعدها".
٢ بلوغ الأرب "٢/ ٣٠٣".
٣ وفي ذلك قال أنس بن مدركة في قتله سليك بن سلكه:
إني وقتلي سليكا ثم أعقله ... كالثور يضرب لما عافت البقر
الدميري، حياة الحيوان "١/ ١٨٢"، الحيوان "١/ ١٨ وما بعدها"، "هارون".
٤ كتاب المعاني الكبير "٢/ ٩٢٨"، اللسان "٦/ ٢٣٠ وما بعدها"، صبح الأعشى "١/ ٣٩٨ وما بعدها"، بلوغ الأرب "٢/ ٣٠٥ وما بعدها"، الحيوان "١/ ١٧"، "هارون".
٥ تاج العروس "٣/ ٣٩٠"، "العر"، اللسان "٤/ ٥٥٥"، "عرر".
وكلفتني ذنب امرئ وتركته ... كذي العر يكوي غيره وهو راقع
بلوغ الأرب "٢/ ٣٠٥".
٦ بلوغ الأرب "٢/ ٣٠٥ وما بعدها".
٧ بلوغ الأرب "٢/ ٣٠٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>