للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حفرت بها تلك الآبار. وهي وثائق تملك، تبين حق صاحبها في تلك البئر.

ونجد في كتاب صفة جزيرة العرب وصف مواضع كانت غنية بالأغيال والمآجل والعيون، وقد نبتت حولها الأشجار المثمرة والزروع، وأنواع الخضر والبقول والأزهار، مما يشير إلى ما للماء من أهمية في إحياء هذه الأرضين وفي استنباتها، فلولا الأمطار الموسمية التي غذت اليمن بالماء الذي أولد الحياة في الأرض، لكانت أهلها قفراء مثل أكثر أرجاء جزيرة العرب، ليس فيها نبت ولا زرع، يكره أهلها الزراعة ويستهجنونها، ويرون في الاشتغال بها خسة ودنية، وقد أقبل أهل هذه الأرضين التي توفرت بها مصادر الماء، على استغلالها استغلالاً طيبًا، يدل على أن العرب لو تهيأ له لهم الماء لما كرهوا الزراعة وازدروا شأن المزارعين.

واليمامة من الأرضين الخصبة في جزيرة العرب، قال عنها أهل الأخبار: "وكانت أحسن بلاد الله أرضًا، وأكثرها خبرًا وشجرًا ونخيلاً من سائر الحجاز"١. وقد نعتت بـ"ريف مكة"، إذ كانت تمون مكة بالحبوب، ولولاها لما تمكنت مكة من العيش برخاء. فلما أسلم "ثمامة بن أثال بن النعمان" الحنفي سيد أهل اليمامة، أراد العمرة، فلما سمع به المشركون جاءوه، فقالوا: يا ثمامة صبوت وتركت دين آبائك! قال: لا أدري ما تقولون إلا أني أقسمت برب هذه البنية لا يصل إليكم من اليمامة شيء مما تنتفعون به حتى تتبعوا محمدًا من آخركم.. وكانت ميرة قريش ومنافعهم من اليمامة، ثم خرج فحبس عنهم ما كان يأتيهم منها من ميرتهم ومنافعهم، فلما أضر بهم كتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن عهدنا بك وأنت تأمر بصلة الرحم وتحض عليها، وإن ثمامة قد قطع عنا ميرتنا وأضر بنا، فإن رأيت أن تكتب إليه أن يخلي بيننا وبين ميرتنا فافعل. فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن خل بين قومي وبين ميرتهم"٢. وبذلك استراحوا وعادت أقواتهم إليهم.

ويجب أن نحمل ما جاء في الشعر من "جوع قديم" لبني حنيفة، وهم من أهل اليمامة، محمل الأقوال التي يقولها الشعراء عند استهزائهم بخصومهم، أو عند


١ تاج العروس "٩/ ١١٥"، "يمم".
٢ الاستيعاب "١/ ٢٠٦ وما بعدها"، الإصابة "١/ ٢٠٤"، رقم "٩٦١"، صحيح البخاري "كتاب الصلاة، باب الاغتسال إذا أسلم وربط الأسير في المسجد"، صحيح مسلم "كتاب الجهاد"، زاد المسلم "٢/ ٢٧٨ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>