للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجعلها متأخرة لاعتداء كل جانب منهما على زرع خصمه، وقد ألهاهم عن الزرع.

وبالمدينة وأطرافها مواضع عرف الواحد منها بـ"البقيع". والبقيع الموضع فيه أروم الشجر من ضروب شتى، والمكان المتسع ولا يسمى بقيعًا إلا وفيه الشجر، ومنه "بقيع الغرقد"، وقد ورد في الحديث، وهو مقبرة مشهورة بالمدينة. سمي بالغرقد، بشجر له شوك فذهب وبقي الاسم لازمًا للموضع، وبقيع الخيل، وبقيع الخبجبة، وبقيع الزبير، وبقيع الخضمات، موضع عند خرم بني النبيت١.

وبيثرب ثلاثة أودية مهمة هي: العقيق، وبطحان، وقناة٢. وفي وادي العقيق عيون ونخيل، وقد ذكر في الحديث٣. والأودية المذكورة من المواضع الخصبة المنبتة في هذه المنطقة، ومياهها قريبة من سطح الأرض، ومن الممكن العثور عليها بسهولة بحفر الآبار بها.

ومن الأودية التي استفيد منها في الزراعة "وادي مهزور"، وقد ذكر في الحديث، ذكر أنه وادي بني قريظة، وأن الرسول قضى في سيله أن يحبس حتى يبلغ الماء كعبين. وذكر بعضهم أنه يذكر مع "مذينيب" يسيلان بماء المطر خاصة، وهو من أودية المدينة. ومن مهزور إلى مذينيب شعبة تصب فيها٤.

وقد كان من الممكن استصلاح الأرض المحيطة بيثرب، بحفر الآبار بها، فالماء فيها غير بعيد عن سطح الأرض، وهو عذب أو مج لكنه يصلح للشرب ولسقي الزرع. ولما نعمت يثرب بالهدوء في عهد الرسول، أقبل بعض المهاجرين على الزراعة فيها، فحفروا الآبار وزرعوا عليها، وحوطوها، وجنوا منها ثمرًا طيبًا، ولولا الفتوحات الإسلامية التي اجتلبت إليها المهاجرين والأنصار على السواء للخيرات الكثيرة التي كانت في الأرضين المفتوحة، لتحولت يثرب إلى بساتين ومزارع منتجة، تمون الأماكن البعيدة عنها بالتمور وبالفواكه والخضر.

وقد زرع أصحاب الأرض بيثرب أرضهم بقولًا وحبوبًا، ومنهم من زرع تحت النخيل، ورد أن مولى من موالي "عثمان بن مظعون" كانت في يده أرض


١ تاج العروس "٥/ ٢٨٠"، "بقع".
٢ تاج العروس "٢/ ١٢٥"، "بطح".
٣ تاج العروس "٧/ ١٥"، "عق".
٤ تاج العروس "٣/ ٦٢٠"، "هزر".

<<  <  ج: ص:  >  >>