للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنه وجده فيه، ولا يعقل أن يكون كتاب "بورخ" الذي قرأه نسخة خاصة لم توجد عند غيره من الناس، حتى نحسن الظن به. وكل ما نجده في سفر "بورخ" مما قد يكون له علاقة بالعرب هو هذه الكلمات: "لم يسمع به في كنعان ولا تروى في تيمان، وبنو هاجر أيضا المبتغون للتعقل على الأرض وتجار مران وتيمان وقائلو الأمثال ومبتغو التعقل، لم يعرفوا طريق الحكمة ولم يذكروا سبلها"١. وليس في هذه الكلمات -كما نرى- شيء ما له صلة بنسب "معد بن عدنان".

فكنعان كناية عن الكنعانيين، وليست لهم صلة بمعد أو بعدنان. وأما "تيمان" فكناية عن أرض كانت في الجنوب الشرقي من "أدوم"، وهي أرض "أبناء الشرق"، وقد نسبت التوراة التيمانيين إلى "اليفاز بن عيسو"٢، ونسبت إليهم الحكمة٣, وليست لهم علاقة أيضا بأبناء معد ولا بعدنان.

وأما "بنو هاجر" "الهاجريون" "Hagrites" فإنهم شعب سكن شرق أرض "جلعاد"، وقد اختلف علماء التوراة في أصله، فمنهم من عده قبيلة عربية، ومنهم من عده من الآراميين، ومنهم من رأى أنهم "الإسماعيليون". وقد ذكر الهاجريون مع أقوام من الآراميين في كتابة أخبار انتصارات "تغلا تبليسر الثالث" "Tiglath-Pileser III". وهكذا وجدنا أنفسنا عاجزين حتى في هذا الموضع من سفر "باروخ" من العثور عن أية صلة للكلمات المذكورة بنسب "معد بن عدنان".

ويروي رواة الشعر وأهل الأخبار شعرًا لعدي بن زيد العبادي ولأمية بن أبي الصلت ولنفر آخر من الشعراء في أحداث وأمور توراتية. وهذه الأشعار إن صح أنها لهم حقا، دلت على وقوف أولئك الشعراء على التوراة, أو على بعض أسفارها، أو على قصص منها. أما عدي بن زيد، فلا أستبعد وقوفه على التوراة، فقد كان نصرانيًّا قارئًا كاتبًا بالفارسية والعربية، وربما كان كاتبًا بلغة بني إرم كذلك، لغة المثقفين في العراق يومئذ. وقد كان هو نفسه من


١ نبوءة باروك، الإصحاح الثالث، الآية ٢٢ وما بعدها.
٢ التكوين، الإصحاح ٣٦، الآية ١١، قاموس الكتاب المقدس "١/ ٢٩٦ وما بعدها".
٣ إرميا, الإصحاح ٤٩، الآية ٧ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>