للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أقربائهم أو قواد جيوشهم أو سادات القبائل، أو كبار الموظفين ومن يرضون عنه. يعطونهم أرضًا مواتًا لا أصحاب لها، أو أرضًا عامرة لها أصحاب وملاك فقد كانوا يحاربون، فإذا انتصروا اصطفوا لأنفسهم ما أحبوا من أرض مملوكة للدولة أو للأشخاص، فسجلوه ملكًا باسمهم، وأعطوا ما شاءوا إلى خاصتهم وذوي رحمهم وقواد جيشهم، ملكًا لهم، يملكون رقبته وكل ما عليه من شجر ونبات وماء ومعادن ورقيق وأناس، لا ينازعهم في ذلك منازع، لهم حق بيعه إن شاءوا، أو حق إيجاره، أو إعطائه لأي شخص آخر لاستغلاله، وإن وجدت فيه معادن، فهي لهم أيضًا.

وقد يغضب ملك أو أي حاكم متفرد بأمره على من هو من تبعته، فينتزع منه ملكه، ويستولي عليه وعلى كل ما عليه، وقد يقطعه كله أو جزءًا منه أحد خاصته، أو يقطعه إقطاعًا، لجملة أشخاص هبة أي تمليكًا، أو غير تمليك، أي عارية، رقبته للحاكم ومنفعته لمن أقطع له إلى أجل معين أو إلى أجل غير محدود، يكون له ولورثته حق الانتفاع منه. والحاكم الذي يقطع الإقطاع لمن يشاء ويهب الأرض لمن يحب، لا يعجز عن استعادة ما أقطعه تمليكًا أو استغلالًا متى أحب، فهو الآمر بأمره والناهي، لا يعارضه معارض، متى أراد الاستيلاء على أرض أو على إقطاع أقطعه أحدًا، أمر بالاستيلاء عليه، فيطاع أمره وينفذ ما دام قويًّا له الحول والطول.

ولا يعني الإقطاع عند الجاهليين وجوب وجود العبيد أو الأقنان في الأرض لاستغلالها ولإعمارها، فقد يتعامل الإقطاعي، مع أجراء أو أحرار يتفقون معه على استثمارها في مقابل حقوق يدفعونها له. أما إذا كان متمكنًا غنيًّا له خدم ورقيق وأتباع، فقد يستخدمهم في خدمة ملكه بأجر ملكه بأجر أو بغير أجر، حسب مبلغ هيمنته عليهم ومقدار نفوذه بين قومه وأهله.

وقد عرف إقطاع المعادن عند الجاهليين، ما ظهر من المعادن، وما بطن. ويظهر أن أهل اليمن لم يكونوا يفرقون في الإقطاع بين النوعين من المعدن. فكانوا يقطعون المعادن الظاهرة، مثل الذهب والملح، كما كانوا يقطعون المعادن الباطنة، أي المعادن التي يكون جوهرها مستكنًا فيها، لا يوصل إليه إلا بالعمل، كمعادن الذهب والفضة والصفر والحديد، فهذه معادن باطنة سواء احتاج المأخوذ

<<  <  ج: ص:  >  >>