للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طويلًا، بل تزول وتذهب وتجف الأودية ولا يبقى فيها من الماء شيء، إذ يسيل إلى البحر أو يغور في التربة. وقد اجتهد الجاهليون أن يستفيدوا من هذه السيول فأقاموا السدود على قدر إمكانهم كما فعلوا في سد مأرب وفي سدود أخرى كما يظهر من الآثار، ولكن قدرتهم الفنية والمالية لم تكن من الاتساع والقوة بحيث تساعدهم على السيطرة على السيول.

وقد عثر على آثار سدود في مختلف أنحاء جزيرة العرب. وقد أنشئت في المواضع التي يزورها الغيث وتنهمل عليها الأمطار. وقد تقام لضبط مياه النهيرات والينابيع، لجمعها، ثم إعادة توزيعها. وبعض هذه السدود المندثرة هو اليوم في مناطق صحراوية لا ماء فيها لا بشر، مما يشير إلى أنها كانت مأهولة، ثم عفى على أهلها الدهر، فأهملت وتهدمت.

وبعض هذه السدود، سدود بسيطة، صنعت من تراب أو من تراب وحجارة لمنع ماء المطر من الذهاب عبثًا, فيسد طريقه ويحبس في منخفض أو حوض ليستفاد منه. وقد أمر الرسول بسد ماء السماء في موضع ليستفاد من الماء، فعرف بـ"سد". ويطل جبل "شوران" على السد١. وأمر "معاوية" بسد الوادي الذي يمر بحرة المدينة، فحبس سيله بسد، عرف بسد معاوية فهو يحتبس فيه الماء، يرده الناس بمواشيهم يسقونها٢. ويمر على طرف "قدوم" ويصب في "أحد"٣. و"قدوم" جبل على ستة أميال من المدينة٤.

وتتخذ "المُسُك" لمسك الماء وحبسه، تمنعه من الذهاب عبثًا. كأن تمنعه من أن ينصب في البحر٥.

ويقال للسد "عرمن" في العربيات الجنوبية، أي "العرم". فلفظة "العرم" تعني السد عند اليمانيين القدماء، ولم تكن علمًا على سد معين. أعني سد مأرب. وقد وردت في القرآن الكريم في قوله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ} ٦.


١ عرام، أسماء جبال تهامة "ص٤٢٥".
٢ بلاد العرب "٤٠١".
٣ البلاذري، فتوح "٢٦".
٤ تاج العروس "٩/ ٢٠"، "قدم".
٥ تاج العروس "٧/ ١٧٧ وما بعدها"، "مسك"، عرام، أسماء جبال تهامة "٣٩٧".
٦ سورة سبأ، الآية ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>