للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به بمدة قصيرة لا تتجاوز شهرًا كما يرى ذلك "رودوكناكس"١.

ولم يذكر النص اسم الجهة التي ذهبت السفينة إليها، ولا اسم الموضع الذي أرسل "البوص" إليه، ولا اسم المكان الذي استوردت القليمة وكميات المر منه.

و"البص" "البوص"، هو "البز" في عربيتنا. والبز: الثياب، وقيل ضرب من الثياب، وبائعه البزاز٢. ويظهر أنه كان من الأصناف الجيدة، التي امتازت مصر به، فاشتهر في الخارج، فكان يصدر إلى الأسواق الخارجية، وهي لفظة معربة، عربت من أصل يوناني هو "Vissas"، ومعناه نسيج كتان، ونسيج من كتان هندي رقيق جدًّا٣.

لقد كانت حكومة البطالمة قد احتكرت صناعة نسيج الكتاب وتجارة البز "بوص"، وبيع المر والبخور والعطور والصبر وغير ذلك. وكانت تنتهج في خطتها الاقتصادية نهج احتكار الدولة بين السلع الرائجة المهمة. نعم، سمحت للتجار المستوردين باستيراد ما يشاءون من المر والبخور واللبان والصمغ والصبر وما شاكل ذلك من الخارج، ولكنها لم تسمح لهم ببيعها أو تحويلها أو تغيير شكلها من غير استئذان الحكومة وموافقتها، ذلك؛ لأنها تعدها من المواد الداخلة في دائرة الانحصار والاحتكار "Statesmonopol"، والتابعة لمراقبة الحكومة.

أما نسج "البوص" "البص" البز، فقد أودع أمره إلى المعابد، تشرف عليه وتدير صناعته، ورثت ذلك من عهود سبقت أيام البطالمة، وذلك في مقابل السماح لها بأخذ ما يحتاج إلى استعماله في المعابد أو لحاجات رجال الدين الخاصة، وتسليم بقية ما ينسج إلى دوائر الحكومة المختصة لبيعه للناس٤.

ويظهر من المؤلفات اليونانية واللاتينية أن العرب كانوا يملكون سفنًا في البحر الأحمر وفي البحر العربي وفي الخليج، إلا أن سفنهم لم تكن ضخمة، ولهذا لم تتمكن من مجابهة السفن الرومانية والسفن اليونانية حين نزلت تلك البحار؛ لأنها كانت أضخم منها، وكانت ذات أربعة صفوف من المجاذيف، كما أنها كانت سريعة الحركة وذات مرونة في الاستدارة وفي الالتفاف وفي الرجوع والانتقال،


١ Zeitschrift Fur Semitistik Und Verwandte Gebiete, Bd. ٢, ١٩٢٤, S. ١١٧.
٢ تاج العروس "٤/ ٧"، "بز".
٣ غرائب "٢٥٦".
٤ المصدر نفسه "ص١١٥ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>