للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلئن بنيت لي المشقر في ... صعب تقصر دونه الهمم

لتنقبن عني المنيَّة ... إن الله ليس كعلمه علم١

وكان من الحصون التي تحمي قرى ساحل الخليج من الأعراب, به حامية كبيرة، تغلق عليها الأبواب عند دنو الخطر. ويظهر من قصة فتك المكعبر بتميم، أنه كان ذا بابين، وكان قد بُني لحماية المنطقة من الأعراب وللمحافظة على الأمن. وقد كان حصنًا كبيرًا ادخر فيه الفرس الميرة والأرزاق لتوزيعها على الأعراب أيام المجاعة, وبه جنود من الفرس يحكمهم قوَّاد منهم، يقومون بضبط الأمن ومراقبة حركات الأعراب.

وتعقد سوق هجر في شهر ربيع الآخر، وكان الذي يتولى تعشير التجار بها "المنذر بن ساوى" أحد بني عبد الله بن دارم, وهو ملك البحرين٢. وهجر اسم لجميع أرض البحرين، وقصبة بلاد البحرين, وقد عرفت بكثرة تمرها، ومنه المثل: كمبضع تمر إلى هجر. وذكر أن "عمر" تذكرها فقال: عجبت لتاجر هجر وراكب البحر، كأنه أراد لكثرة وبائها، فتاجرها وراكب البحر في الخطر سواء٣, ويظهر أنها كانت موبوءة.

ثم يرتحلون نحو عمان من البحرين أيضًا، فتقوم سوقهم بها. ثم يرتحلون فينزلون "إرم" وقرى الشحر، فتقوم أسواقهم بها أيامًا. ثم يرتحلون فينزلون سوق عدن٤.

أما "سوق عدن"، فكانت تقوم أول يوم من شهر رمضان إلى عشر يمضين منه, وكانت الأبناء هي التي تعشر التجار بها، والأبناء هم أبناء الفرس الذين فتحوا اليمن مع وهرز وقتلوا الحبشة. وكان التجار لا يتخفرون فيها بأحد؛ لأنها أرض مملكة وأمرها محكم٥، أما ما قبل حكم الأبناء، فقد كان يعشر هذه


١ وقال عنه "لبيد":
وأفنى بنات الدهر أرباب ناعط ... بمستمع دون السماء ومنظر
وأنزلن بالدومي من رأس حصنه ... وأنزلن بالأسباب رب المشقر
تاج العروس "٣/ ٣١١"، "شقر".
٢ صبح الأعشى "١/ ٤١٠ وما بعدها".
٣ تاج العروس "٣/ ٦١٣ وما بعدها"، "هجر".
٤ صبح الأعشى "١/ ٤١١".
٥ المحبر "ص٢٦٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>