للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأديمها حتى عُرِفَ بين تجار الأديم بـ"الأديم العكاظي"١ مع أنه لم يكن من حاصل عكاظ، بل كان يورد إلى السوق من مختلف الأنحاء.

وذكر بعض أهل الأخبار أن "سوق عكاظ" موسم عظيم من المواسم، وقد اتخذت سوقًا بعد عام الفيل بخمس عشرة سنة. وهي من أعظم أسواق العرب على الإطلاق في الجاهلية وفي الإسلام, ثم تضاءل شأنها وخربت بعد سنة "١٢٩" للهجرة، عندما ظهر الخوارج الحرورية مع المختار بن عوف في مكة، فنهبت هذه السوق، وخاف الناس على أنفسهم من الذهاب إليها، فتُرِكَتْ٢.

ولو أخذنا بهذه الرواية، نكون قد جعلنا مبدأ هذه السوق سنة "٥٨٥" أو "٥٨٦" للميلاد تقريبًا, أي: إن تأريخ سوق عكاظ لم يكن بعيد عهد عن الإسلام, فهو قبله بنحو ربع قرن. وقد أقيمت وعمر الرسول آنذاك "١٥" عامًا.

ويذهب الناس بعد سوق عكاظ إلى سوق أخرى هي سوق مجنة، فيقيمون بها عشرة أيام. فإذا رأوا هلال ذي الحجة في نهاية هذه الأيام العشرة قصدوا ذا المجاز، وهي سوق جاهلية، فيقيمون فيها ثمانية أيام يبيعون ويشترون، ثم يخرجون يوم التروية من ذي المجاز إلى عرفة، فيأخذون ذلك اليوم من الماء ما يرويهم من ذي المجاز. وقد سمي هذا اليوم باسم يوم التروية؛ لترويهم من الماء بذي المجاز, حيث كان ينادي بعضهم على البعض الآخر أن يترووا من الماء؛ لأنه لا يوجد ماء بعرفة, كذلك لا يوجد ماء بالمزدلفة يومئذ. ويعتبر يوم التروية نهاية أسواقهم, وكان العرب لا يتبايعون في يوم عرفة ولا في أيام منى. فلما جاء الإسلام أحل لهم ذلك٣.

وذكر أن "ذا المجاز" موضع بمنى، وذكر أنه سوق كانت في الجاهلية على فرسخ من عرفة, بناحية كبكب، سمي به لأن إجازة الحج كانت فيه٤. و"كبكب": جبل بعرفات خلف ظهر الإمام إذا وقف، وقيل: هو ثنية٥.


١ البلدان "٣/ ٧٠٤"، تاج العروس "٥/ ٢٥٤"، "عكظ".
٢ الأزرقي، أخبار مكة "١٢٩ وما بعدها"، البكري، معجم "٣/ ٩٥٩ وما بعدها"، اللسان "٧/ ٤٤٧".
٣ أخبار مكة، للأزرقي "١٢٩ وما بعدها".
٤ تاج العروس "٤/ ٢١"، "جوز".
٥ تاج العروس "١/ ٤٤٤"، "كب"، "ك/ ب/ ب".

<<  <  ج: ص:  >  >>