للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا زال الناس يومنا هذا يطلقون لفظة "صراف" على المحتال الذكي الذي يعرف كيف يتعامل مع الناس.

ومن مصطلحات الصيارفة المذكورة في كتب اللغة "الشوقل", يقال: شوقل الدينار: إذا عايره وصححه ووزنه، واستعملوا الشاقل أيضا في المعايير. ويظهر من مراجعة كتب اللغة، أن علماء اللغة لم يكونوا على علم واضح بأصل لفظة "شقل"، فاكتفوا بقولهم: شقل الدينار: وزنه١. وترد هذه اللفظة في الآرمية كذلك بمعنى الوزن، أي: وزن الدنانير والدراهم٢، وترد بهذا المعنى أيضا في العبرانية. وقد أخذ هذا الوزن من الأوزان البابلية، وقد كانت الأوزان البابلية أساسًا لجميع الأوزان التي استعملت في الشرق الأدنى، بل وفي أوروبا أيضًا, و"الشقل" "Shekel" هو جزء من ستين جزءًا من "المن" Manu""٣. فمن هذا الوزن ورد اصطلاح "شقل" و"شوقل" بمعنى وزن العملة بالميزان في لغات أهل الشرق الأدنى؛ لأنهم كانوا يصححون العملة ويعايرونها بوزنها بالميزان، لتظهر صحة وزنها، فيتبين به الزائف منها من الصحيح.

وقد برع قوم من "الصيارفة" بتنقاد الدراهم، أي: بتمييز الدراهم وإخراج الزائف منها. وقد برع في ذلك نفر من أهل مكة؛ لأنهم تجار يتعاملون في الأسواق ويتعاطون الربا والصيرفة وتبديل العملة.

وكان اليهود من الصيارفة، يتعاطون بيع الذهب والفضة وتبديل النقود والربا, وكان الأعراب يحفظون عندهم ودائعهم، ذهبًا وفضة ونقودًا, ذكر أن رجلًا من قريش استودع "عبد الله بن سلام" ألفًا ومائتي أوقية ذهبًا٤. وذكر علماء التفسير، أن من اليهود من كان يأكل الأمانات ويجحدها فلا يؤديها إلى أصحابها، إلا بالتهديد والقوة، وقد استحل أكل أموال العرب، ذلك أنهم قالوا: لا حرج علينا فيما أصبنا من أموال العرب ولا إثم؛ لأنهم على غير الحق وأنهم مشركون٥.


١ التاج "٧/ ٣٩٢"، "شقل".
٢ غرائب اللغة "١٩١".
٣ Hastings, p. ٦٢٧.
٤ تفسير النيسابوري "٣/ ٢٢٥"، "حاشية على تفسير الطبري".
٥ تفسير الطبري "٣/ ٢٢٦ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>