للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفضل في ستة أعيان، وهي: الذهب، والفضة، والبُرّ، والشعير، والتمر، والملح، فاتفق الناس على تحريم التفاضل فيها مع اتحاد الجنس، وتنازعوا فيما عداها١. وقد منع هذا الربا في الإسلام, فإذا باع رجل رجلًا دينارًا بدينارين إلى أجل، أو درهمًا بدرهمين، أو كيلة حنطة بكيلتين أو أكثر كما كان يفعل أهل الجاهلية، فالزيادة هي ربا؛ ولذلك نهي عنه في الإسلام٢.

ولما نزل الأمر بتحريم الربا، وذلك في آخر ما نزل من الوحي، وقبل وفاة الرسول بتسع ليالٍ على بعض الروايات٣, صعب ذلك على الأغنياء الذين كانوا يعيشون على الربا ويقولون: إنما البيع مثل الربا٤. وذكر علماء التفسير أن الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} ٥، إنما نزلت في "العباس بن عبد المطلب ورجل من بني المغيرة كانوا شريكين في الجاهلية، سلفا في الربا إلى أناس من ثقيف من بني عمرو, وهم بنو عمرو بن عمير. فجاء الإسلام، ولهما أموال عظيمة في الربا، فأنزل الله ذروا ما بقي من فضل كان في الجاهلية من الربا"٦. وذكر أيضًا "أن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- قال في خطبته يوم الفتح: "ألا إن ربا الجاهلية موضوع كله, وأول ربا أبتدئ به ربا العباس بن عبد المطلب"٧.

ولما جاء وفد "ثقيف" إلى المدينة؛ لمفاوضة الرسول في أمر دخولهم في


١ إعلام الموقعين "٢/ ١٣٦ وما بعدها".
٢ مسند الإمام أبي حنيفة "ص١٥٩"، صحيح مسلم "٥/ ٤٢"، "باب الربا"، "لا تبيعوا الذهب بالذهب، ولا الورق بالورق إلا وزنًا بوزن, مثلًا بمثل, سواء بسواء"، صحيح مسلم "٥/ ٤٢ وما بعدها".
٣ تفسير الطبري "٣/ ٧٦"، "وعن ابن عباس, قال: آخر ما أنزل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آية الربا"، "وعن ابن عباس قال: آخر آية نزلت على النبي -صلى الله عليه وسلم-: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّه} "، تفسير الطبري "٣/ ٧٥".
٤ البقرة، الآية ٢٨٢، تفسير الطبري "٣/ ٦٨"، "وقد قيل: إن هذه الآيات في أحكام الربا هن آخر آيات نزلت من القرآن", "إن عمر بن الخطاب قال: كان آخر ما أنزل من القرآن آية الربا, وإن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- قبض قبل أن يفسرها"، تفسير الطبري "٣/ ٧٥ وما بعدها".
٥ البقرة، الآية ٢٨٢.
٦ تفسير الطبري "٣/ ٧١".
٧ تفسير الطبري "٣/ ٧٢"، تفسير ابن كثير "١/ ٣٣٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>